نقطة ضوء: الشفاء بدون دواء؟ | العدد الواحد والعشرون
نقطة ضوء: الشفاء بدون دواء؟
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



  د.خالص جلبي

 إنه العلاج بدون أي علاج، ويعرفه الأطباء ويجهله المرضى. وهو يفعل ليس من الخارج بل من الداخل بالإيحاء للمريض أنه العلاج فيستخدمه المريض فيشفى  والله هو الشافي. (وَإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِى يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (الشعراء: 80)، وهذا من أعظم أسرار الشفاء في البدن. وقد يقول قائل وما هو؟ وجوابي: إنه ليس بشيء أي إنه بكلمة أخرى أن نقول للممرضة أعطيه حقنة بلاسيبو فتذهب الممرضة لتحقن المريض بالماء وهو يظن أنه يحقن بالدواء، وتحت الإلهام بهذا التأثير يشفى تلقائياً لأن جسمنا مبني على قدرة ترميم نفسه ذاتياً ويمكن أن يشفي نفسه بنفسه. وهذا له قاعدته الكيماوية وهو إفراز هرمون سحري تم اكتشافه وهو الاندومورفين وليس هو الوحيد. ويفرز من الدماغ فيخفف الألم ويشفي الإصابة ويعدل المزاج.

 

وقد تمت دراسة هذا الموضوع حاليا على يد لجنة تخصصية في ايرلندا لمعرفة القاعدة العلمية وطرائقها من أجل تعميمها. ومن أعجب القصص التي جمعوها عن امرأة في فرنسا اسمها برناديت ميتة منذ 120 سنة وما زالت محافظة على شكلها ويزور ضريحها كثير من الفرنسيين بوهم الشفاء. وشفي عندها طبيب فرنسي اختصاصي في التخدير من مرض عصبي خطير هو التصلب اللويحي. ويبدو أن الشفاء يتم عند الاعتقاد بالشفاء. وأعجبتني كلمة سمعتها من أخ فاضل: لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا. وربما أصلها حديث شريف. وعكسها أن عقيدة الشفاء تشفي برفع قوة المقاومة الداخلية. وفي مشفى فيكتوريا في مدينة بريطانية اتصل الدكتور ألبرت مايسون بدكتور الجلدية ليقول له إنه عالج مريضا مصاباً بالثآليل وهي تشفى بالتأثير النفسي وصور الحالة وعرض أثر البلاسيبو عليه وصعق الدكتور لما رآها، قال له إنه ليست حالة ثآليل بل مرض الجلد الفيلي. ولما دخل هذا في روع الطبيب المعالج لم تشف بعدها على يده حالة واحدة على الرغم من تدفق الآلاف عليه يبتغون الشفاء والسبب فسره نفس الطبيب فقال إنه بدأ في الاعتقاد أنه لن يشفي المرضى، فلم يشف مريض بكل بساطة.

 

ومن أعجب التجارب تلك التي أجريت في جامعة تورين على المرضى لتخفيف الألم فكانوا يحقنون بالبلاسيبو بعد تعريضهم لصدمات كهربية وإيهامهم أنهم يأخذون مسكنات بحقن قاتلة للألم. وكانوا يحقنونهم فعلاً بالمورفين وما شابه. ولكن بعد فترة لم يعودوا يحقنون بالمسكنات ورفع عيار الكهرباء فاستجابوا لوهم العلاج فسبحان الله الذي أودع فينا هذه الطاقات المخفية داخلنا. وفي مشفى جراحي تم إيهام مريض مصاب بقسط في الركبة أي تحدد في الحركة وكان لا يستطيع المشي عليها فأدخل غرفة العمليات وأجري له شق جراحي على الركبة وخيط ولكن من دون أي جراحة، فقام يمشي وهو يظن أن علته عولجت ولم يعالج بشيء فسبحان الشافي. واليوم خصصت أمريكا خمسة ملايين دولار لأبحاث البلاسيبو لتحويلها إلى علم مؤسس يخضع لقوانين. إنها سنة الله في خلقه.

 

ويروى من تاريخنا عن أحد الصالحين أنه لما تعفنت قدمه تم بترها وهو يصلي ويسبح الله. قال لهم: سأبدأ صلاتي فإذا باشرت باشروا القطع وصبر ولم يهتز. ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.