الهندسة الوراثية | العدد الرابع عشر
الهندسة الوراثية
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



الهندسة الوراثية

إعداد: عبد الحكيم هاشم


قفز العلم في هذا العصر قفزات هائلة وتسارعت خطى التطور في مجال العلوم والتقنية الحديثة حتى صارت ملء سمع الناس وبصرهم، وأصبحنا في عصر من أهم مميزاته أنه عصر التخصصات الدقيقة في مجال العلوم، فلم يعد الطب إلا عنواناً كبيراً لمدينة ضخمة واسعة الأرجاء مترامية الأطراف من العلوم والتخصصات المنضوية تحت لوائه، وفي هذه الزاوية نعرض لعم يعتبر أحد أهم هذه العلوم الجديدة التي تنذر بتطورات مذهلة وتغيرات جذرية، إنه علم الهندسة الوراثية، الذي (يحتل مكاناً مرموقاً في الطب الحديث، وينمو بسرعة مطردة، ويتطور بقفزات كبيرة غيرت كثيراً من المفاهيم الطبية التقليدية، وأعطت بدائل علاجية وبحثية نافعة للجنس البشري عندما يلتزم العلماء العاملون في هذا الحقل بالموضوعية والأمانة العلمية وأدب المهنة) في بداية القرن الواحد والعشرين أعلن كل من الرئيس بوش وتوني بلير نبأ اكتشاف ـ الجينوم البشري ـ الخريطة الوراثية للإنسان من واشنطن ولندن في وقت واحد، واعتبر هذا الكشف الطبي أهم الإنجازات البحثية على الإنسان في العام وفي كافة العصور، قام بهذا العمل علماء أمريكيون وبريطانيون وأعلنوا أن عدد المورثات في هذه الخريطة لا يتجاوز ثلاثين ألفاً، على خلاف ما كان شائعاً بين علماء الأجنة من أن عدد المورثات البشرية يفوق المائة ألف مورثة) (1).

ولما لهذا العلم من مكانة عظيمة وما يترتب على استخدامه من فوائد ومضار، فقد تقدم أعضاء المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي ببحوث في هذا المجال، وجرت بينهم مناقشات في الجانبين التقني والشرعي، فكان أن صدر قرار من المجمع الفقهي الموقر في الدورة الخامسة عشرة المنعقدة يوم السبت 11 إلى 15 رجب 1419هـ 31 أكتوبر 1988م، بشأن استفادة المسلمين من علم الهندسة الوراثية، وهذا نصه: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آله وصحبه. أما بعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الخامسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة، التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419هـ الموافق 31 أكتوبر 1988م قد نظر في موضوع استفادة المسلمين من علم الهندسة الوراثية التي تحتل اليوم مكانة مهمة في مجال العلوم، وتثار حول استخدامها أسئلة كثيرة، وقد تبين للمجلس أن محور علم الهندسة الوراثية هو التعرف على الجينات (المورثات) وعلى تركيبها، والتحكم فيها من خلال حذف بعضها ـ لمرض أو غيره ـ أو إضافتها، أو دمج بعضها مع بعض لتغيير الصفات الوراثية الخلقية.

وبعد النظر والمدارسة والمناقشة فيما كتب حولها، وفي بعض القرارات والتوصيات التي تمخضت عنها المؤتمرات والندوات العلمية:

يقرر المجلس ما يلي:

أولاً: تأكيد القرار الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بشأن الاستنساخ برقم 100/2/د/10 في الدورة العاشرة المنعقدة بجدة في الفترة من 23 ـ 28 صفر 1418هـ.

ثانياً: الاستفادة من علم الهندسة الوراثية في الوقاية من المرض أو علاجه، أو تخفيف ضرره، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر أكبر.

ثالثاً: لا يجوز استخدام أي من أدوات علم الهندسة الوراثية ووسائله في الأغراض الشريرة والعدوانية، وفي كل ما يحرم شرعاً

رابعاً: لا يجوز استخدام أي من أدوات علم الهندسة الوراثية ووسائله، للعبث بشخصية الإنسان، ومسؤوليته الفردية، أو للتدخل في بنية المورثات (الجينات) بدعوى تحسين السلالة البشرية.

خامساً: لا يجوز إجراء أي بحث، أو القيام بأية معالجة، أو تشخيص يتعلق بمورثات إنسان ما، إلا للضرورة ، وبعد إجراء تقويم دقيق وسابق للأخطار والفوائد المحتلمة المرتبطة بهذه الأنشطة، وبعد الحصول على الموافقة المقبولة شرعاً، مع الحفاظ على السرية الكاملة للنتائج، ورعاية أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، القاضية باحترام الإنسان كرامته.

سادساً: يجوز استخدام أدوات علم الهندسة الوراثية ووسائله، في حقل الزراعة وتربية الحيوان، شريطة الأخذ بكل الاحتياطات لمنع حدوث أي ضرر ـ ولو على المدى البعيد ـ بالإنسان، أو الحيوان، أو البيئة.

سابعاً: يدعو المجلس الشركات والمصانع المنتجة للمواد الغذائية والطبية وغيرهما من المواد المستفادة من علم الهندسة الوراثية، إلى البيان عن تركيب هذه المواد المستفادة من علم الهندسة الوراثية، إلى البيان عن تركيب هذه المواد، ليتم التعامل والاستعمال عن بينة حذراً مما يضر أو يحرم شرعاً.

ثامناً: يوصي المجلس الأطباء وأصحاب المعامل، والمختبرات، بتقوى الله تعالى، واستشعار رقابته، والبعد عن الإضرار بالفرد والمجتمع والبيئة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.

(1)الأستاذ الدكتور سالم نجم.