المواد السامة الموجودة طبيعياً في الأطعمة
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



المواد السامة الموجودة طبيعياً في الأطعمة د. طه عبدالله قمصاني
تحتوي الأطعمة على عناصر غذائية أساسية للإنسان، إضافة إلى ذلك فإنها تحتوي على مركبات كيماوية سامة وضارة بالصحة وبكميات متفاوتة، وهذه المركبات لم تتم إضافتها للطعام في أي مرحلة من مراحل الإنتاج أو التصنيع، فهي موجودة طبيعياً. وتختلف هذه المركبات في تركيبها وصفاتها وتأثيراها السام. ومن هنا يتضح أهمية مبدأي التوسط والتنوع في غذاء الإنسان.فالتوسط هو تناول الكميات المناسبة للإنسان بدون إفراط وبالتالي لن يتم التسمم في حالة وجود هذه المركبات لها تأثيرات صحية نافعة إذا تناولت عند جرعات مناسبة. أما مبدأ التنوع فهي تنويع المصدر الغذائي، فمثلاً لسد احتياجات الإنسان من البروتين، يجب تناول كميات متنوعة من اللحوم والأسماك والطيور والبقوليات على فترات زمنية مختلفة، وليس الاعتماد على مصدر واحد كاللحوم مثلاً، فلو كان هنالك مركبات سامة في إحدى هذه المصادر فنت تتراكم في أجسامنا إذا نوعنا هذه المصادر. كما أن الحس السليم مهم لمعرفة ماذا يؤكل وماذا لا يؤكل، ماذا يؤكل مطبوخاً وماذا يؤكل نيئاً.. وهكذا.

ويمكن تقسيم المركبات الكيماوية السامة حسب تواجدها في الأطعمة إلى المجاميع التالية:

أ ـ قلويدات البيورين Purine alkaloids

القلويدات هي مركبات عضوية موجودة طبيعياً على صورة قواعد نيتروجينية من أصل نباتي أما البيورين فهي مركبات تنتج حمض النيوكليك وتتواجد قلويدات البيورين في المشروبات مثل القهوة، الشاي، مشروبات الأعشاب المختلفة، الكولا، الكاكاو والشيكولاتة، وكذلك في كثير من المستحضرات الأدوية. أهم هذه القلويدات هو الكافيين الذي يوجد في حوالي 60 جنساً من النباتات.

في الجرعات الصغيرة (أقل من 3 ملجم/ اليوم) يعمل الكافيين كمنشط للجهاز العصبي المركزي ومدر للبول، أما الجرعات العالية فقد تسبب تأثيرات هرمونية عصبية. والجرعات العالية جداً قد تسبب تشوهات خلقية في أجنة الحيوانات.

يرجع التأثير المنشط السريع للكافيين إلى سرعة امتصاصه، حيث يصل إلى أعلى تركيز له في الدم بعد نصف ساعة فقط من تناول المشروب المحتوي عليه. يصل الكافيين بسهولة إلى جميع الأنسجة، ويؤثر على كثير من الأجهزة الحيوية. وتختلف درجة مقاومة الأفراد للكافيين  باختلاف الأفراد فنلاحظ أن بعضهم لا يتأثر بالكافيين. بينما بعض منهم حساس جداً له.

ب ـ قلويدات الكيوينوليزيدين Quinolizidine

قلويدات الكيوينوليزيدين توجد في الترمس، وهذه القلويدات المرة والسامة توجد في كل من النبات والبذور.

والتأثير السام يتركز في القدرة على إحداث: غثيان، خلل في النفس، اضطراب في الرؤيا، عرق غزير، ضعف مستمر أو إغماء. ونظراً لأن قلويدات الترمس قابلة للذوبان في الماء، فيمكن إزالتها عن طريق النقع والغليان وتغيير مياه النقع والغلي.

جـ ـ الببرين والقلويدات المرتبطة Piperine

الببرين مركب شديد الحرافة (الحرارة) وقد تم عزله من ثمار الفلفل الأسود والأنواع الأخرى من الفلفل. ويعتبر الببرين منبهاً للجهاز العصبي المركزي، ويحتوي على نشاطية ضعيفة مضادة للحمى ونشاط تطفيري ضعيف (القدرة على تغيير كيمياء المادة الوراثية). تسبب التركيزات المرتفعة أضراراً لأنسجة الرئة وتخفيض من ضغط الدم ومعدل التنفس. ويتفاعل الببرين مع النيتريت مكوناً نيتروزوامين وهي مادة مسرطنة.

د ـ القلويدات الجليكوسيدية Glycoalkaloids

عبارة عن سموم طبيعية توجد في الخضر الباذنجانية مثل البطاطس والطماطم والباذنجان.

1 ـ القلويدات الجليكوسيدية في البطاطس

هي مواد سامة توجد طبيعياً في البطاطس ويطلق عليها السولانندين solanindine وهي مادة ثابتة ضد الحرارة. وهذا التأثير السام ينتج عن طريق تثبيطه لبعض الإنزيمات في الدم والمخ، أو نتيجة لحدوث أضراراً في الأغشية وخصوصاً أغشية القناة الهضمية، وقد يحدث نزيف وتحلل لخلايا الدم والحمراء نتيجة التعرض لجرعات مرتفعة من هذه المادة السامة. وقد وجد أن تركيز السولانندين في معظم الأصناف التجارية من البطاطس لا تزيد عن 200 ملجم / كجم وهو مستوى منخفض جداً. وقد وجد أن تعريض البطاطس إلى الضوء يؤدي إلى ظهور صبغات خضراء نتيجة لتكوين الكلوروفيل وهذه تكون مصحوبة بمستويات مرتفعة من السولانندين، إلا أن إزالة قشور البطاطس يؤدي إلى فقد جزء كبير من السولانندين.

2 ـ القلويدات الجليكوسيدية في الطماطم

التوماتين tomatime مادة سامة توجد في أجزاء مختلفة من نبات الطماطم وهي تعطي صفات مثبطة للميكروبات وخصوصاً الفطريات. وهي ظاهرة مؤقتة في الثمار الحديثة وتختفي بالنضج. يرجع التأثير السام لهذا المركب إلى ارتباطه باسترولات الأغشية مثل الكوليسترول وبالتالي يؤدي إلى عدم ثبات لبيدات الأغشية.

3 ـ القلويدات الجليكوسيدية في الباذنجان

تسمى لوبيمين Lubimin والسولاسودين وهي تسبب تشوهات خلقية في أجنة القرود عند تركيزات عالية.

هـ ـ الصابونيات Saponins

هي مجموعة من جليكوسيدات غير متجانسة وتتميز بتكوين رغوة من الماء. وتوجد في النبات عادة وفي عدد من الحيوانات البحرية.

تتميز الصابونيات بنشاط سطحي قوي، وعند تفاعلها مع الأنسجة المخاطية لغشاء الخلايا تسبب تغيراً في النفاذية أو فقد الإنزيمات المرتبطة بغشاء الخلية أو مع مكونات الأغشية مثل الكوليسترول. الجرعات المرتفعة تسبب اتهابات وأضراراً في الأمعاء ومن خلال الدم الحمراء، فشل الجهاز التنفسي، تشنجات وغيبوبة.

تتواجد في فول الصويا والفاصوليات الكلوية، واللوبيا الرفيعة، فاصوليا ليما، الفول، العدس، الحمص، والفول السوداني. كما توجد البنجر، الشاي، السبانخ، الثوم، البصل، الاسبرجلس، البروكلي، البطاطا الحلوة، وبذور الطماطم، والعرقسوس.

وقد وجد أن الطهو والتغليب له تأثير ضئيل على محتوى الصابونين في الفول والفاصوليا، ولكن النقع يسبب فقداً كبيراً في محتواه من الصابونين. تضاف الصابونيات النقية أو المستخلصات المركزة كمواد مسببة للرغوة، أو مثبتات للمستحلب أو كمضادات للأكسدة في صناعة الأغذية والمشروبات.

و ـ السيانوجينات Cyanogens

أو المواد المولدة للسيانيد وهي عبارة عن مركبات قادرة على إنتاج سيانيد الهيدروجين نتيجة لتأثير حموضة المعدة أو لنشاطية بعض الإنزيمات النباتية. عرفت الصفات السمية للنباتات المحتيوة على السيانوجينات منذ 160 سنة تقريباً. حيث كان يتم إعدام المذنبين بإعطائهم أنوبة الخوخ المحتوية عليه. يعزى التأثير السام الحاد إلى قدرته على إيقاف التنفس نتيجة لتثبيط إنزيم السيتوكروم أو كسيديز في السلسلة التنفسية. يرتبط السيانيد مع كل من الصور المؤكسدة والمختزلة لهذا الإنزيم. ويتراوح الحد الأدنى للجرعة المميتة للإنسان من 0.5 إلى 3.5 ملجم/ كجم من وزن الجسم، أي في حدود 35 إلى 245 ملجم للشخص البالغ الذي يزن 70 كجم. يمتص السيانيد سريعاً في الجهاز الهضمي، وتشمل الأعراض بعد حدوث التسمم بالجرعة المميتة: فقداً لحساسية الأطراف، اضطراباً عقلياً، ذهولاً، ازرقاق البشرة نتيجة نقص الأكسجين، تشنجات وغيبوبة نهائية. تظهر أعراض الجرعة غير المميتة في صورة صداع، الإحساس بتصلب الحلق والصدر، سرعة ضربات القلب وضعف العضلات. عند تناول جرعة غير مميتة، فإن السيانيد يتم التخلص منه عن طريق تبادل الغازات في عملية التنفس، وتعتمد شدة وفترة التسمم على الجرعة والحالة الطبيعية للفرد. من ضمن الأمراض المنتشرة في المناطق الاستوائية، اضطراب الأعصاب نتيجة تناول منتجات غذائية من الكاسافا Cassaba  (غذاء ثابت لكثير من البلدان في المناطق الاستوائية، على الرغم من أنه يعتبر غذاء فقيراً في البروتين) الغنية بالسيانيد.

إن السيانيد والسيانوجينات، كما في السموم الأخرى تستخدم في صناعة الأدوية. ويعتقد الآن أن مشتقات السيانيد لها نشاط مثبط للسرطان، حيث وجد أن السيانيدات المتكونة في الأنسجة تهاجم الخاليا السرطانية نتيجة لانخفاض نشاطية إنزيم الرودنيز hodanese الذي يتميز بنشاط كافٍ في الخلايا الطبيعية.

يتواجد السيانيد في المملكة النباتية، ويقدر عدد مركبات السيانيد في النبات بحوالي 1000 مركب في 500 جنس يمثلون 100 عائلة. وتعتبر الكاسافا من أهم النباتات المحتوية على مشتقات السيانيد المستخدمة في تغذية الإنسان، كما يتواجد في الفاصوليا وخصوصاً فاصوليا ليما، والبسلة وفول الصويا. كما يوجد في اللوز المر وبذور الخوخ، المشمش، البرقوق، الكريز، وكذلك التفاح، والكمثرى، ويتركز السيانيد في البذور وفي لب الفواكه غير الناضجة.

ز ـ الجليكوسينولات Glucosinolates

وهي عبارة عن أسترات كبريتية وتتواجد في معظم النباتات التي تنتمي للعائلة الصليبة (عائلة نباتية تتخذ أنصال التويجيات الأربع وضعاً متعامداً) حيث توجد في البذور والأوراق والسيقان والجذور. وتوجد بتركيزات عالية في النباتات النامية والبذور. وتتواجد في فول الصويا والصنوبر، الفول السوداني والفواكه والخضروات التي تشمل: البروكلي، الكرنب بأنواعه، القرنبيط، البروكلي، المستردات البيضاء والسوداء والبنية، الفت والفجل، كما يحتوي الخوخ والكمثرى والفراولة على هذه المركبات. وجد أن الطهو والتجميد يقلل من محتوى الخضروات من هذه المكونات. وجد أيضاً أن تناول هذه الخضروات بكميات كبيرة مع تناول اليود بكميات قليلة يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية بشدة. كما أن استخدام لبن فول الصويا في تغذية الأطفال حديثي الولادة قد يسبب مشكلات صحية إذا كان اليود لا يدخل في تركيب هذه الوجبة. يوجد أكثر من 100 نوع من الجليكوسينولات يتواجد معظمها في خضروات العائلة الصليبية وفي بذور الشلجم.

تقوم الجلكوسينولات بعدة أنشطة بيولوجية مثل دورها كمبيد للحشرات، مثبط للبكتيريا ومثبط للفطريات. لا تعتبر الجليكنوسينولات في حد ذاتها سامة للإنسان، إلا أن نواتج تحللها تسبب انخفاضاً في نشاط الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى اإصابة بمرض الجويتر، كما أن لها بعض الفوائد حيث تتميز بنشاط مضاد للسرطان. للتخلص من المواد السامة يجب معاملتها بالحرارة أو الكيماويات أو استخلاصها بالماء أو مذيبات قطبية.

ح ـ الفيولات النباتية Phenols

وهي نواتج أيضية تتراكم في خلايا معينة من النبات، وتتحول إلى اللون البني عند تعرضها للجو نتيجة للتأكسد. تتواجد في جميع الأغذية النباتية تقريباً، ولكن بتركيزات منخفضة جداً. ولا تحتوي الأغذية الحيوانية الفينولية على مجموعة هيدروكسيل واحدة فقط، يمكن أن تستبدل فيها ذرة الهيدروجين.

إن عدداً قليلاً من الفيولات لها القدرة على تكوين أورام سرطانية وذلك بالتركيزات المتناولة، مثل السافرول safrol والكيومارين Counarin  التي تكون سامة أو مسرطنة عند أي مستوى، لذلك فقد تم حظر استخدامها كمواد مضافة للأغذية، بينما تحت ظروف تجريبية أخرى يكون لها نشاط مثبط للأورام السرطانية. البعض الآخر من الفينولات يدخل في صناعة كثير من الأدوية، حيث تستخدم كمضادات طبيعية للأكسدة للوقاية من السرطان المستحث بالضوء كسرطان الجلد.

بعض الفينولات قد يكون لها تأثير مفيد، وأيضاً تأثير سام طبقاً لتركيز الجرعة المتناولة. فمثلاً يسبب الديكموريل dicoumarol (وهو أحد الفينولات النباتية) نزيفاً في الماشية، ويستخدم كسم الفئران، ولكن من ناحية أخرى يستخدم كأدوية مفيدة لمنع التجلط غير المرغوب في حالات الأوعية الدموية والمخ.

يستخدم الجوسيبول gossypol في الصين كمادة مانعة للحمل للإناث، وهو عبارة عن مركب فينولي سام يوجد في بذور القطن، ويمثل خطورة واضحة على أغذية الإنسان والحيوان، فهو يقلل من الاستفادة من الحديد، ويتسبب في : فقد الشهية، فقد الوزن، إسهال، أنيميا، خفض للخصوبة، استسقاء الرئةن هبوط في الدورة الدموية، ونزيف في الأمعاء الدقيقة والكبد والمعدة.

ط ـ الهيماجلوتينات Hemagylutinins

ويطلق عليها أيضاً اللكتينات Iectins وهو نوع من البروتين النباتي يعمل كالأجسام المضادة، وتعتبر من أهم العوامل المضادة للغذاء factors antinutritional وهي عبارة عن بروتينات أو جليكو بروتينات. تنتشر في النباتات والحيوانات والميكروبات، وتوجد تقريباً في جميع أقسام المملكة النباتية وخصوصاً في العائلة النجيلية والعائلة البقولية، حيث تكون البذور من أغنى مصادر المركبات، كما توجد في درنات البطاطس، بذور العدس، الأرز.

تحتوي البقوليات ومنتجات الحبوب على مستويات مرتفعة من الهيماجلوتينات، وقد وجد أن (53) نباتاً يحتوي على نشاط الهيماجلوتينات، كما تحتي بذور الخروع على كميات كبيرة من هذه السموم، لذلك فإن هذه البذور غير صالحة كغذاء. تسبب الهيماجلوتينات إتلافاً للأغشية المخاطية في القناة الهضمية، وتسبب نزيفاً موضعياً وأضراراً للكلى والكبد والقلب وتعمل على تجميع خلايا الدم الحمراء. تؤدي وجبة من الفاصوليا السوداء إلى قتل الفئران في 4 ـ 5 أيام. كما أن تناول الفاصوليا الكلوية على شكل نيء تسبب التهابات معوية (التهاب الأغشية المخاطية في الأمعاء)، غثيان وإسهال في الإنسان، وتسبب فقداً سريعاً في الوزن والوفاة في الفئران والطيور السمان. تنخفض سمية هذه المركبات بدرجة كبيرة بواسطة الطهو بالحرارة الرطبة، لذلك فإن هذه المنتجات لا تمثل خطورة صحية عند استخدامها في تغذية الإنسان. كما تنخفض السمية أيضاً نتيجة أن كثيراً من هذه المركبات السامة تتلف في القناة الهضمية، ومعظمها يمتص بدرجة ضعيفة، وهذا يعني أنها تصل إلى القولون في صورة غير ضارة، وبالتالي يكون لها تأثير مفيد، ولقد اتضح أ، هذه المركبات تقي جسم الإنسان من سرطان القولون، سواء نتيجة للإفراز الزائد من المواد المخاطية المعوية، أو نتيجة التأثير السام المباشر على خلايا الأورام فيما إذا وجدت.

ي ـ اللاثروجينات Lathrogens

هي مواد سامة للجهاز العصبي تتواجد في بذور البقوليات، وتتكون من عدة أحماض أمينية حرة وثنائي بيتيد جلوتاميل glutanyl dipeptide، مثل الـ (BOAA) allnine L oxalylamino N Bh L  (DABA) diaminobytyric acid  تسبب اللاثروجينات اضطرابات عصبية في الإنسان والحيوان خاصة الخيول (مرض عصبي يعرف باللاثيرن lathyrin). ويؤثر على تأثير المادة الناقلة للإشارة أو الرسالة العصبية يوجد هذا المرض العصبي في الهند والصين وبعض المناطق في أفريقيا، وكذلك مناطق حول البحر الأبيض المتوسط وخاصة أسبانيا. ينتشر هذا المرض في الدول النامية أثناء فترات نقص مصادر الأغذية.

طهو البذور في كميات زائدة من الماء مع التصفية بعد ذلك، ونقع البذور في ماء بارد طول الليل، وكذلك نقع البذور المنزوعة القشرة في ماء ساخن يؤدي إلى التخلص من حوالي 80% هذا الانخفاض لا يكون كافياً لخفض التأثير السام على المدى الطويل. كما وجد أن نقع البذور منزوعة القشرة والطهو تحت ضغط، ثم التخمير والتسخين بالبخار يؤدي إلى خفض 95% من الكمية الأصلية لهذه المركبات. تحميص البذور على أعلى تركيز من ءءد، لذلك يفضل فصل الجنين منه أثناء الطهو.

ك ـ الأحماض الأمينية السامة:

يوجد في الطبيعة على حوالي اكثر من 700 أمين (مركبات كيماوية تحتوي على عنصر النيتروجين) وأحماض أمينية طبيعية. عدد قليل من هذه المجموعة لها تأثيرات سامة وتأثير مضاد للغذاء في الإنسان والحيوان. هذه الأحماض الأمينية السامة ليست من المكونات الطبيعية للبروتينات (20 حمضاً أمينياً)، وعادة توجد في حالة حرة، وتنتشر على نطاق واسع في النباتات، خاصة البقوليات. وتحتوي البذور عادة على أعلى التركيزات.

الأحماض الأمينية السامة غالباً ما تكون مشابهات للأحماض الأمينية الأساسية من ناقلات الإشارات أو الرسائل العصبية في الجهاز العصبي المركزي في الإنسان والحيوان.

تنتشر مشابهات الأحماض الأمينية المحتوية على كبريت بصفة عامة في المحاصيل الصليبة. تناول فول الجينكول على سبيل المثال، الذي يستخدم بكثرة في إندونيسيا، يسبب هبوطاً حاداً في وظائف الكلى من خلال ترسيب الأحماض الأمينية في سوائل الجسم.

ل ـ الأمينات الحيوية Biogenic amines

تحتوي الأغذية على عديد من الأمينات، وكثير منها يطلق عليها أمينات حيوية نظراً لنشاطها البيولوجي وقدرتها على إحداث التسمم عندما تتواجد بتركيزات مرتفعة. تنشأ هذه الأمينات نتيجة النشاط الأيضي الطبيعي في الحيوانات، والنباتات والميكروبات، وتتكون أساساً نتيجة فقد مجموعة الكاربوكسيل (COOH) من الأحماض الأمينية بواسطة الإنزيمات النازعة لمجموعة الكاربوكسيل أو تحويل الألدهيدات بواسطة الإنزيمات الناقلة للأمين.

تلعب بعض الأمينات الحيوية مثل (السيروتونين serotonin والهستامين histamine والتيرامين tyramine) دوراً هماً في كثير من الوظائف الفسيلوجية في الإنسان والحيوان. كما تدخل الأمينات الثنائية (البيوترسين putrecine) والأمينات العديدة oligoamines  مثل (سبرميدين spermidine وسبرمين p1/2m ne) في بعض العمليات الفسيولوجية مثل انقسام الخلايا، التزهير وتكوين الثمار والاستجابة للظروف المعاكسة.

الأمينات الحيوية لها أهمية في الأغذية، حيث ترتبط بكل من فساد الغذاء وسلامة الغذاء في نفس الوقت. تتكون هذه الأمينات نتيجة نشاط الإنزيمات النازعة لمجموعة الكاربوكسيل في الأحماض الأمينية الداخلية وفي المواد الغذائية الخام، أو نتيجة نمو الميكروبات المحتوية على هذه الإنزيمات تحت ظروف مناسبة لنشاط الإنزيم. يرتبط الفساد الميكوربي للأغذية بزيادة إنتاج الإنزيمات النازعة للكاربوكسيل وتستخدم عملية قياس الأمينات الحيوية كدليل على فساد الأغذية.

م ـ النترات والنيتريت Nitrate and nitrite

النترات والنيترينت مكونات طبيعية موجودة في البيئة، حيث تعتبر من مصادر النتروجين في الطبيعة. لا تعتبر النترات من المواد المسرطنة، ولكن قد تختزل إلى نيتريت الذي يستطيع أن يتفاعل مع الأمينات في الأغذية مكونة مركبات سامة مثل نيتروزأمينات أو ميثيموجلوبين.

وجد أن 6% فقط من متوسط ما يتناوله الفرد يومياً من النترات يأتي من اللحوم المصنعة، وأن الـ 94% الأخرى توجد طبيعياً في الأغذية، خاصة الخضروات والماء، أو قد تتكون داخلياً في لعاب الإنسان والعصارة المعوية. توجد النترات في الخضروات عند مستويات مرتفعة، تصل إلى 3000 جزء في المليون، مثل الكرنب، القرنبيط، الجزر، الكرفس، الخيار، الخس، الفجل، البنجر والسبانخ. كما يحتوي لعاب الإنسان على نيتريت بتركيزات تصل إلى 8 ـ 12 جزء في المليون. يتأثر تركيز النترات في اللعاب بنوع الغذاء، حيث يرتفع تركيز النيتريت في اللعاب عند تناول الخضروات المرتفعة في النترات مثل الخس والخيار.

تستخدم النترات والنيتريت، كمواد مضافة في الأغذية لتعطي صفات طعم ولون اللحوم المصنعة. كما أن هذه الإضافات تمنع التسمم البوتشوليني، لذلك تعتبر من المواد الحافظ. لا يوجد حتى الآن بديل آمن للنترات والنيتريت، ولكن الأبحاث التي تجري لخفض التركيزات اللازمة من النترات قد حققت نجاحاً طيباً. غذ أن حوالي 90% من عينات اللحوم المصنعة تحتوي حالياً على أقل من 50 جزءاً في المليون نترات ،0.1% فقط تحتوي على أكثر من 200 جزء في المليون. فرصة الإصابة بتسمم النترات، لذلك سمح باستخدامها.

تختزل النترات خارجياً أثناء نقل وتخزين وتصنيع المنتجات الزراعية والأغذية. حيث التخزين غير المناسب للخضروات بعد إعدادها، أو وجبات الخضر واللحم المرتفعة في محتوى النترات تسبب خطورة كبيرة، خاصة عندما تحفظ هذه الأغذية دافئة لمدة طويلة، حيث تنمو عليها بعض الميكروبات التي تستطيع تحويل النترات، إلى نيتريت، والتي قد تسبب تسمماً خصوصاً عند الأطفال. ومن الأمور المعروفة، أن السبانخ المطبوخة إذا أعيد تسخينها (بعد حفظها لمدة يوم إلى يومين) لا تقدم للأطفال، ولكن فقط للبالغين، نظراً لارتفاع محتواها من النيتريت.

قد تتكون النيتريت داخلياً في القناة الهضمية، أو في الفم، وقد دلت بعض الدراسات على أن 7.6% من النترات المتناولة تتحول إلى نيتريت خلال 24 ساعة.

تسمم النترات في الإنسان غير شائع، وتشمل أعراض التسمم التهابات معوية شديدة مع ألم في البطن، دم في البراز والبول، ضعف وانهيار صحي. يسبب التأثير السام للنيتريت ما يعرف بالميثيموجلوبنيميا methemoglobinemia وهي حالة تظهر أحياناً على الأطفال الرضع، الذين يتناولون ماء الآبار المحتوية على مستويات مرتفعة من النترات (من خلال استخدام هذه المياه في تحضير ألبان وأغذية الأطفال)، أو تناول خضروات مثل البنجر والسبانخ، التي تكون مرتفعة في النترات طبيعياً.  تحدث هذه الحالة نتيجة أكسدة ذرة الحديد في الهيموجلوبين من الحديدوز + 2مئـ إلى حديديك+ 3 مئـ، بحيث يتحول إلى هيموجلوبين غير قادر على نقل الأكسجين في الجسم ويتغير لون الطفل إلى اللون الأزرق.

يمثل النيتريت خطورة شديدة على الأطفال الرضع، حيث إن النظام الإنزيمي لم يتكون بدرجة كافية في خلايا الدم الحمراء ليختزل الميثيموجلوبين مرة أخرى إلى هيموجلوبين. في الأطفال حديثي الولادة، يمثل هيموجلوبين ئـ المميت 85%fetal hemoglobin عند الولادة، ويكون أكثر عرضة للأكسدة بالنيتريت عن هيموجلوبين ء في البالغين. بالإضافة إلى ذلك فإن النيتريت تتكون من النترات في أمعاء الطفل الرضيع، حيث يكون الأس الهيدروجيني للعصارة المعوية أعلى من 5.5 عند هذه القيم من الأس الهيدروجيني القريبة من التعادل، وهكذا فإن بكتيريا الأمعاء تحول النترات إلى نيتريت.

لوحظ في المناطق التي تتميز بارتفاع محتوى النترات في الأغذية والتربة ومياه الآبار، ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان المريء وسرطان المعدة.

أثناء تخزين الأغذية النباتية، تختزل النترات إلى نيتريت نتيجة التنفس، عند درجة الحرارة أعلى بواسطة الميكروبات، حيث لا يحدث ذلك في الأغذية النباتية الطازجة أو التي تم حصادها حديثاً.

ن ـ المواد المثبطة للإنزيمات Enzyme Inhibitors

جميع النباتات وخاصة البقوليات وبالأخص فول الصويا تحتوي على مواد مثبطة لإنزيمات البروتييز proteases التي تعمل على تحلل البروتينات. هذه المواد تثبط إنزيمات التربسين والكيموتربسين وغيرها من الإنزيمات المحللة للبروتين. وبالتالي تمنع الجسم يضطر إلى إفراز إنزيمات بكميات أكبر من البنكرياس، مما يمثل عبئاً على الجسم.

يتم التخلص عادة من المواد المثبطة للإنزيمات المحللة للبروتينات وذلك بمعاملة فول الصويا، أو دقيق فول الصويا حرارياً لمدة 15 دقيقة، كما يجب تسخين الفول لمدة لا تقل عن 40 دقيقة. وتوجد هذه المواد المثبطة في قشرة الفول بتركيز أعلى عما هو موجود داخل البذور.

هناك أغذية شائعة أخرى، غير البقوليات، تحتوي على مواد مثبطة للإنزيمات المحللة للبروتينات، مثل الشعير، البنجر، الذرة، الخس، الشوفان، البسلة، الفول السوداني، البطاطس، الأرز، الشيلم، البطاطا الحلوة، اللفت والقمح. تحتوي البطاطس على تركيزات مرتفعة جداً من هذه المواد المثبطة، حيث تمثل حوالي 15% من بروتين البطاطس.

في معظم الحالات، فإن عملية طهو الأغذية المحتوية على المواد المثبطة للإنزيمات المحللة للبروتينات (مثل البقوليات والبطاطس) يقوم بإتلاف هذه المواد المثبطة. الطهو بالميكروويف والغليان يكون أكثر تأثيراً من عملية الطهو في الفرن في حالة البطاطس. ونظراً لأن كثيراً من الخضروات تؤكل طازجة، أو بعد الطهو لفترة قصيرة جداً، فإن المواد المثبطة لا يتم إتلافها تماماً.

كما تحتوي بعض الأغذية على مواد تعمل على تثبيط إنزيمات أخرى غير الإنزيمات المحللة للبروتينات، فمثلاً تحتوي أنواع مختلفة من الفاصوليا على مواد مثبطة لإنزيم البلازيمن plasmin وهو عامل ضروري لتكوين الفيبرين (عامل تجلط الدم). كما توجد مواد في البطاطس تمنع من تكوين الكاليكريين (هو عامل يساعد في تكوين الأجسام المضادة). كما توجد في الفاصوليا، القمح، الشيلم، الذرة الرفيعة مواد تثبط إنزيمات الاميليز وهي الإنزيمات الضرورية لتحلل النشا.

كما يوجد في بعض الأغذية، نوع آخر من مثبطات الإنزيم، تمنع تحلل الاستيل كولين (المادة الناقلة للإشارات أو الرسائل العصبية في الخلايا). بعد استجابة الخلية العضلية للإثارة، فإن الاستيل كولين يجب أن يتم إتلافه سريعاً بواسطة إنزيم اسيتيل كولين استريز لكي لا تبقى الخلية في حالة إثارة وغير قابلة لاستقبال رسالة أو إشارة عصبية أخرى، مما يؤدي إلى عدم انتقال التنبيه العصبي من خلية إلى أخرى حتى يصل إلى الجهاز العصبي المركزي، وبالتالي يؤدي إلى عدم استجابة العضو لهذه المؤثرات العصبية وهذا ما يفعله هذا النوع من المثبطات.

تحتوي كثير من الأغذية على مثبطات إنزيم الكولين استيرز، وتشمل هذه الأغذية الأجزاء الصالحة للأكل من الأسبرجلس، البروكلي، الجزر، الكرنب، الفجل، القرع العسلي، البرتقال، الفلفل، الفراولة، الطماطم، اللفت، التفاح، الباذنجان، والبطاطس. ويوجد أكثر المثبطات نشاطاً في البطاطس.

س ـ المواد المثبطة لامتصاص المعادن:

توجد العناصر المعدنية في الأغذية في عدة صور كيميائية، تشمل أملاحها مع الأحماض العضوية ومركبات معقدة مع أصول عضوية. تمثل البروتينات، الببتيدات، الأحماض الأمينية، الفلافونات، الأحماض الكربوكسيلية الهيدروكسيلية ومشتقات السكريات، مكونات هامة تكون لها القدرة على الارتباط بالأيونات المعدنية. النتائج الفسيولوجية الناجمة عن تأثير هذه الارتباطات في معظم الحالات تكون ضارة أو غير معروفة.

يوجد نوعان رئيسيان من المواد العضوية التي تقلل من الاستفادة الحيوية للعناصر المعدنية الغذائية الأساسية والعناصر النادرة في الأغذية، هما حمض الفيتيك وحمض الأوكساليك:

1 ـ حمض الفيتيك Phytic acid، الفايتين Phytin والفيتات Phytates

يوجد حمض الفيتيك في معظم الأغذية النباتية، خاصة الحبوب الغذائية مثل القمح والشعير والذرة والأرز، ويكون أعلى بدرجة كبيرة في الطبقات الخارجية من الحبوب. كما يوجد في البقوليات والمكسرات الكاملة والبذور الزيتية. بعض المواد الغذائية الأخرى.

حمض الفيتيك يعتبر مكوناً غير مرغوب في الغذاء، ويمكن التخلص كلياً أو جزئياً منه خلال عملية تصنيع الغذاء.

تؤدي المعاملات الحرارية إلى الإتلاف الجزئي لحمض الفيتيك في الأغذية المعاملة، فعلى سبيل امثال يؤدي تحميص القهوة إلى انخفاض كبير في محتوى الفيتات، كما أن غليان دقيق الصويا الخالي من الدهن يؤدي إلى فقد حوالي 23% من الفيتات، كما أنا التسخين بالميكروويف لمدة 15 دقيقة يؤدي إلى فقد 46% من الفيتات في فول الصويا منزوع الدهن. كما أن طهو الأرز في الماء يؤدي إلى خفض كمية الفيتات كثيراً. وقد يحدث هدم لحمض الفيتيك أثناء عمليات تصنيع وتخزين الأغذية نتيجة للتحلل الإنزيمي للفيتات بواسطة الفيتيز phytase  والذي يكون شائعاً في المواد النباتية وخصوصاً في البذور والحبوب. يوجد حمض الفيتيك أيضاً في البقوليات في صورة قابلة للذوبان في الماء، لذلك فإن نقع البذور قبل طهيها يقلل من محتواها من حمض الفيتيك، كما أن إنبات الفول يقلل كثيراً من كميات هذا الحمض نتيجة لنشاط إنزيم الفيتيز الموجود في البقوليات، حيث يقوم بهدم هذا المركب أثناء الإنبات.

2 ـ حمض الأوكساليك Oxalic acid والأوكسالات Oxalate

وهو حمض عضوي قوي ثنائي مجموعة الكاربوكسيل، يوجد في صورة ذائبة، وكذلك في صورة غير ذائبة مع الكالسيوم. نظراً لانخفاض ذوبان أوكسالات الكالسيوم فقد تؤدي إلى نقص كالسيوم مزمن، كما يتأثر ذوبان الزنك أيضاً بوجود حمض الأوكساليك.

قدرة حمض الأوكساليك على الارتباط بالكالسيوم وعناصر معدنية أخرى تجعل هذه العناصر غير قابلة للامتصاص وتقلل من استفادة الجسم منها. زيادة كمية الأوكسالات المتناولة قد تكون مسؤولة عن بطء نمو العظام وتكوين حصوات ف الكلى. المستويات المرتفعة من الأوكسالات (التسمم الحاد) تسبب قيئاً وإسهالاً وانخفاضاً في قابلية الدم للتجلط وعدم كفاءة الكلى، ويؤثر على الجهاز العصبي مما يؤدي إلى حدوث تشنجات وإغماء. كما قد يسبب حدوث تآكل موضعي في الفم والقناة الهضمية والتهاب المفاصل وتكوين حصوات في الكلى. تناول أغذية مرتفعة في الأوكسالات مثل السبانخ والروبارب قد يؤذي إلى التسمم الحاد للأطفال.

توجد الأوكسالات بمستويات منخفضة في البسلة، الكاكاو، الجزر، الخس، اللفت، البنجر والتوت. بينما أغذية أخرى مستويات مرتفعة مثل السبانخ والروبارب وأوراق الشاي. كما تؤدي عملية سلق الخضروات إلى حفض محتواها من حمض الأوكساليك، وتكرار السلق يقلل من محتواها إلى 75% من أصل الكمية. كما أن نزع القشرة، النقع، الطهو تحت نار هادئة والغليان يخفض بدرجة كبيرة من مستوى الأوكسالات في بذور البقوليات الجافة مثل الفاصوليا، العدس والبسلة.

ع ـ سموم عيش الغراب Mushroom toxins

ينخفض محتوى الطاقة في عيش الغراب نتيجة انخفاض محتواه من اللبيدات، كما أنه مصدر جيد للأليفا والعناصر المعدنية مما يجعله مرغوباً للاستهلاك الآدمي.

هناك أنواع برية كثيرة من عيش الغراب، وكذلك بعض الأنواع التي تزرع تحتوي على مواد سامة، تعرف بالسموم البرتوبلازمية شديدة السمية وسموم أمانيتا.

هذه السموم تسبب أنواعاً مختلفة من التسمم للإنسان، فقد تؤثر على لاجهاز الهضمي مسببة بعض الاضطرابات المعوية فقط والتي قد تنتهي بعد يوم أو يومين. وفي بعض الحالات قد يشعر الإنسان بميل للقيء ويصاب بالإسهال وضعف عام. وبعض هذه الأنواع قد تؤثر على الجهاز العصبي وتظهر الأعراض متأخرة في صورة ضعف عام ودوخة وزغللة وانخفاض في ضغط الدم، وقد تتأثر وظائف الكبد والكلى.

ف ـ سموم الأغذية البحرية Seafoods toxins

عرف التسمم الناتج من تناول الأسماك والأصداف منذ قيم الأزمنة، ففي مصر في عام 2700 قبل الميلاد، وفي اليونان 384 ـ 322 قبل الميلاد، وفي اليابان 400 بعد الميلاد والصين 618 إلى 907 قبل الميلاد. عدد الحيوانات البحرية السامة غير معروف بصورة دقيقة، لكن البيانات المتاحة تشير إلى أن عدد أنواع الأسماك السامة تتراوح بين 500 ـ 1000 نوع في المياه المالحة. وقد توجد السموم البحرية على سطح بعض الكائنات البحرية مثل الأسماك الجيلية وأنواع الأخطبوط، وقد تكون داخلية حيث توجد في اللحم، الكبد، الجلد والبيض كما هو الحال في الأسماك والأصداف.

يتسبب سلوك تغذية الأصداف عن طريق ترشيح المواد الغذائية من الماء في تجميع وتركيز كمايت كبيرة من الملوثات في أنسجتها المأكولة، مثل السموم التي تنتجها الطحالب ثنائية الأسواط، المعادن الثقيلة كالزئبق والكادميوم والرصاص، المبيدات الحشرية، مسببات الأمراض المعوية مثل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي. تتعرض بعض شواطئ العالم إلى زيادة مفاجئة في كثافة الطحالب المنتجة للسموم وتعرف غالباً بالمد الأحمر.

توجد ثمانية أنواع من سمك القراض في البحر الأحمر، ومعظمها سام. ويتركز السم بصورة رئيسية في الجلد والأحشاء الداخلية وخصوصاً الكبد. تناول هذه الأسماك يسبب تقرحاً في المعدة والأمعاء، وتنتج عنه آلام شديدة وتشنجات تؤدي إلى الوفاة.

تختلف السموم البحرية في تركيبها الكيماوي، وهي عبارة عن مركبات عضوية معقدة تتضمن عديدة الببتيدات أو بروتينات ولبيدات مع نسبة صغيرة من الكربوهيدرات أو استركولين، وهي تتواجد في أجزاء مختلفة من الكائن البحري.

ايثيل كارباميت (يورثين) (urthane) Ethyl carbamate

يوجد كناتج ثانوي في تخمرات أنواع كثيرة من الأغذية المتخمرة كالزبادي، الخبز، صلصة الصويا والمشروبات كالبيرة وبعض الجبن. المصدر الأكثر أهمية لليورثين في الأغذية المتخمرة والمشروبات هو اليوريا التي تضاف أحياناً إلى بيئات النمو والتخمير كمصادر للنيتروجين للخميرة.

يتكون اليورثين عند درجات الحرارة الأكثر ارتفاعاً، وعند التعرض للضوء وفي وجود أيونات النحاس يسبب اليورثين أوراماً سرطانية وتشوهات خلقية في الأجنة وطفرات.

ض ـ بعض المكونات الغذائية الضارة:

1 ـ الدهون السامة:

تعتبر الدهون المؤكسدة أو المتزنخة سامة إلى الحد كبير وخصوصاً في حالة نقص فيتامين (هـ)، وهي تنتج من إعادة استخدام الزيوت في عمليات القلي في وجود الهواء مما يتسبب في فقد الفيتامينات الموجودة به بالإضافة إلى تكوين معقدات، وإلى أكسدة الزيوت وتكوين مواد ضارة بالصحة والذي ينتج عنها إثارة الغشاء المخاطي المعوي، والإسهال وقد يكون لها نشاط سرطاني على المدى الطويل.

يوجد حمض الايريوسيك erucic acid بتركيزات مرتفعة في المسترد والشلجم. وهو عبارة عن حمض دهني غير مشبع يحتوي على 22 ذرة كربون ورابطة زوجية واحدة. يسبب هذا الحمض عند وجوده بتركيزات منخفضة تصل إلى 15% مشكلات خطيرة في القلب كالتهاب عضلة القلب والذي يؤدي إلى عدم القدرة على استخدام الأكسجين بكفاءة.

2 ـ السكريات غير القابلة للهضم:

تحتوي بعض البقوليات على سكريات ثلاثية غير قابلة للهضم بكميات تصل إلى 4% من الوزن الجاف. ونظراً لأن الجهاز الهضمي للإنسان لا يحتوي على الإنزيمات اللازمة لتحليل هذه السكريات، لذلك فإن لا تمتص في الأمعاء الدقيقة، وتصل إلى الأمعاء الغليظة حيث يتم تخمرها بواسطة البكتيريا الموجودة في هذه الأمعاء حيث تؤدي إلى انتفاخ، وعادة ما يكون سبب هذا الانتفاخ هو تكون غازات مثل ثاني أكسيد الكربون، الهيدروجين والميثان. إن زيادة تكوين الغازات تسبب: آلاماً في البطن، صداعاً، دوخة وتقلصات وأحياناً إسهالاً.

3 ـ الأحماض الأمينية:

الأحماض الأمينية الشائعة كالليوسين، ايزوليوسين، الفالين والتربتوفان لها تأثيرات سامة عند تركيزات مرتفعة كما تعمل كمنشطات لإحداث سرطان المثانة في الفئران.

4 ـ مضادات الفيتامينات:

يوجد إنزيم الثيأمينيز thiaminase  الذي يتلف فيتامين الثيامين في: 31 نوعاً من الخضروات، 18 نوعاً من الفواكه، وعدة أنواع من السمك النيئ ولامطهو. ويوجد أعلى تركيز لهذا الإنزيم في: التوت الأسود، العنب الأسود النباتي، التوت الأزرق، الكرنب الأحمر، البنجر، التونة. كما أن الشاي يتلف الثيامين.

يوجد مضاد فيتامين 6 وهو مشابه للحمض الأميني برولين في بذور الكتان. يكون هذا الحمض الأميني معقد ثابت مع فيتامين 6 يجعله غير متاح للجسم. كما يعتقد أن السترال citral من قشور الموالح تثبط فيتامين أ، كما يوجد إنزيم الليبواكسيديز lipoxidase في فول الصويا ومنتجات نباتية أخرى تعمل على تلف فيتامين أ.

يرتبط الأفيدين avidin في بياض البيض الغني بالبيوتين، ولكن عند طهيه يكون الأفيدين غير نشط.