logo.png
أثر التفسير العلمي في أركان الدعوة  (أثره على الداعية)
طباعة



أثر التفسير العلمي في أركان الدعوة  (أثره على الداعية)

فايز عبد العزيز إبراهيم

لا شك أن للتفسير العلمي للقرآن الكريم أثره الفعال في الدعوة الإسلامية من حيث أركانها وأساليبها وميادينها، إذ إن ربط القرآن الكريم بالحقائق العلمية المقطوع بثبوتها علميٌّا بواسطة الكشوف الحديثة ـ أمر له أثره القوي في دعوة الكافرين من الناس، وذلك من خلال إثبات وجود الله تعالى وإقامة الحجة على ذلك بالبراهين الكونية التي لا ينكرها منصف أو صاحب عقل رشيد.

وكما أن للتفسير العلمي للقرآن الكريم أثر في دعوة الكافرين، كذلك له أثره في تدعيم المؤمن بما يكون سببًا في زيادة إيمانه وثباته على الحق واليقين.

(ولو أن جميع المشتغلين بالعلوم نظروا إلى ما تعطيهم العلوم من أدلة على وجود الخالق بنفس روح الأمانة والبُعد عن التحيز الذي ينظرون به إلى نتائج بحوثهم، ولو أنهم حرروا عقولهم من سلطان التأثر بعواطفهم وانفعالاتهم، فإنهم سوف يُسَلّمون ـ دون شك ـ بوجود الله، وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسر الحقائق، فدراسة العلوم بعقل متفتح تقودنا ـ بدون شك ـ إلى إدراك وجود الخالق سبحانه. ولقد مَنّ الخالق على جيلنا وبارك جهودنا العلمية بكشف كثير من الأمور حول الطبيعة؛ وصار من الواجب على كل إنسان، سواء أكان من المشتغلين بالعلوم أم من غير المشتغلين بها، أن يستفيد من هذه الكشوف العلمية في تدعيم إيمانه بالله.  وكما ينبغي أن يتدبر العالم المتفتح العاقل وجود الله ويسلّم به، فإن غير المشتغل بالعلوم ينبغي له أن يفحص هو أيضًا هذه الأدلة ويدرك أن التطور الإبداعي هو وسيلة الخالق في خلقه، وأن الله هو الذي أبدع هذا الكون بقدرته وسن قوانينه الطبيعية؛ فالخلق الإبداعي دليل من أقوى الأدلة على توضيح سر هذا الوجود، ويوفق بين ظواهرة المختلفة التي يبسطها لنا كتاب الطبيعة التي نقرأ صفحاتها في جميع العلوم المختلفة من علم التصوير العضوي (المورفولوجية) ووظائف الأعضاء، والأجنة، والكيمياء العضوية، والتوريث والأحافير، وتصنيف الأحياء، والجغرافية الحيوانية.. إلخ(1).

فإذا كانت الدعوة إلى الله تعالى مدعومة ببراهين من التفسير العلمي للقرآن الكريم(1) الذي يربط بين كتاب الله مسطورًا منظورًا ومفاهيم علمية حديثة ثبتت صحتها، كان للدعوة قوي الأثر في حياة الناس الروحية والعقائدية وغيرهما، خاصة ونحن في عصر قد كثرت فيه العلوم والفلسفات، وأصبح من الضروري تطوير منهج الدعوة إلى الله بما يتلاءم مع الطفرات العلمية المعاصرة، وذلك بدعم الدعوة الإسلامية بمنهج التفسير العلمي للقرآن الكريم، حتى لا يتخلف الدعاة عن الركب، فتصبح الدعوة أمرًا تقليديٌّا تفتر منها القلوب وتمل منها الآذان.

والناظر إلى مبادئ العلمانية وغيرها من المذاهب ـ التي تضمر في باطنها العداء للإسلام وتظهر للناس خلاف ذلك ـ يجد أنهم يحاولون بكل السبل عزل مبادئ الدين ونور القرآن عن ميادين الحياة العلمية والعملية، ويريدون صنع الداعية الأجوف الذي لا طاقة له بحوار مع كافر، ولا علم عنده لتوجيه مسلم، ويعملون كل قواهم لحجب نور القرآن وما فيه من إعجاز علمي يتوافق مع كل زمان ومكان، خاصة بعدما رأوا ما صنعته الدعوة الإسلامية المدعومة بالتفسير العلمي للقرآن الكريم في نفوس بعض العلماء من أهل الاختصاص، مثل عالم الأجنة المعروف (كيث مور) وغيره من الذين لا يدينون بالإسلام، حينما أقبلوا على الإسلام بكل قناعة واطمئنان بعدما جردوا أنفسهم من ضلال التحيز وهوى النفس وراحوا يقرأون ويستمعون إلى الدعاة في عرضهم لإشارات الظواهر الكونية في القرآن الكريم في نطاق اختصاصاتهم العلمية.

هذه كانت إشارة موجزة عن بعض آثار التفسير العلمي للقرآن الكريم في الدعوة الإسلامية ـ على سبيل الإجمال ـ أما التفصيل فمن المعروف أن للدعوة الإسلامية أركان أربعة هي:

1ـ الداعية.         2 ـ المدعو.       

3 ـ المدعو به (الوسائل). 4 ـ المدعو إليه.

وفيما يلي بيان أثر التفسير العلمي للقرآن الكريم على هذه الأركان:

أولاً: من أثر التفسير العلمي على الداعية:

الداعية الإسلامي هو من تكلف من المسلمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان مبادئ الدين الإسلامي ومحاسنه للناس جميعًا، سواء كان محتسبًا لها أو مكلفًا بها؛ قال تعالى: (وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(2).

والداعية إلى الله تعالى من أحسن الناس قولاً وأفضلهم عملاً، قال تعالى:(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(3).

ولكي تتحقق هداية الناس ـ بإذن الله تعالى ـ على يدي الداعية، فإنه يتحتم عليه أن يدعو إلى الله على علم وبصيرة، لا على جهل وضلالة، قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُواْ إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَآ أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(4).

ومهمة الداعية إلى الله هي دعوة الناس جميعًا إلى الإيمان بالله وحُسن طاعته، وهذا يتطلب حُسن إقناع من الداعية لمن يدعوه، ولا يتحقق الإقناع إلا بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة تَقْوَى بها حجة الداعية أمام من يدعوهم. ولا شك أن التفسير العلمي للقرآن الكريم من أفضل السبل لتحقيق ذلك، لما له من مؤثرات إيجابية على الداعية الإسلامي؛ أذكر أهمها فيما يلي:

1 ـ أثره على ثقافة الداعية:
للتفسير العلمي للقرآن الكريم أثر إيجابي على الداعية الإسلامي من الجانب الثقافي، إذ إنه يزوّد الداعية بنوعين من الثقافات، هما الثقافة الشرعية المستمدة من القرآن والسنة، والثقافة الكونية التي تتمثل في علوم الظواهر الكونية كعلوم الطب والفلك والبحار والأرض.. إلخ.

وليس معنى ذلك أن التفسير العلمي يزود الداعية بعلوم الطب فيكون طبيبًا أو الهندسة فيكون مهندسًا أو الفلك فيكون فلكيٌّا، وإنما يزوده بشيء من هذه الثقافات بقدر ما يتطلب شرح الآية وبيان أوجه الإعجاز العلمي فيها. ولا شك أن هذا كله يجعل الداعية أكثر وعيًا لما يحيط به وأعمق إدراكًا لأبعاد وجوده ووظيفته في الكون، كما تجعله أيضًا متفتح البصيرة دومًا ومستعدٌّا للحوار والمناقشة مع غيره لقوة حُجته.

ونلاحظ أثر التفسير العلمي للقرآن الكريم وما يعود به على الداعية الإسلامي من ثقافة مزدوجة (شرعية وعلمية كونية) وذلك من خلال الحياة العلمية الحافلة بالمؤلفات والمحاضرات والمؤتمرات لبعض الدعاة الذين عرفوا في عصرنا باتخاذهم منهج التفسير العلمي كوسيلة من وسائل دعوة الخلق إلى الحق.

ومن هؤلاء الدعاة، الداعية الإسلامي المعروف فضيلة الشيخ عبدالمجيد الزنداني، وقد عرف الشيخ عبدالمجيد ـ حفظه الله ـ ببراعته في الدعوة إلى الله تعالى بواسطة اللقاءات والحوارات العلمية مع أهل الاختصاص من علماء الطب وغيرهم من علماء الغرب الذين لا يدينون بدين الإسلام، وقد أسفر عن هذه اللقاءات والحوارات هداية بعض هؤلاء العلماء ودخولهم في الدين الإسلامي، وذلك حينما قرعت الحقيقة سمعهم بسبب ما سمعوه من الشيخ من حُسن عرض وما رأوا من سعة صدر وما لمسوا من قوة بيان في المزاوجة بين الإشارات القرآنية وما صح من الحقائق العلمية المعاصرة. ومن أشهر هذه اللقاءات والحوارات، حواره مع عالم الأجنة المعروف البروفيسور الكندي كيث مور، وكذلك حواره مع البروفيسور تاجاتات تاجاسون، وحواره أيضًا مع البروفيسور نلسون أستاذ علم الطفيليات البريطاني الشهير، وقد نشرت مجلة الإعجاز العلمي هذا الحوار(5).

ومن هؤلاء الدعاة الذين اتخذوا من التفسير العلمي للقرآن الكريم منهجًا في دعوتهم، وظهر أثر ذلك المنهج في ثقافتهم، الداعية الإسلامي الدكتور محمد علي البار، ومن أشهر مؤلفاته كتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن، وقد زاوج فيه بين إشارات القرآن الكريم في خلق الإنسان من طين إلى أن يصبح بشرًا سويٌّا، مرورًا بالمراحل التكوينية لخلق الإنسان من نطفة ثم علقة فمضغة فعظام، إلخ وبيّن ما ثبتت صحته من نتائج طبية ومصطلحات علمية معاصرة في هذه الظاهرة الكونية.

والداعية الإسلامي الدكتور زغلول راغب محمد النجار، وهو من الدعاة العاملين أيضًا بهذا المنهج وله العديد من الأبحاث العلمية في هذا المجال، نذكر منها (لمحات إعجازية عن أبواب السماء وظلمة الفضاء)، وقد نشرته مجلة الإعجاز العلمي(6)، وله أيضًا الكثير من المؤلفات والمحاضرات والمؤتمرات في هذا المجال، ومن أشهر كتاباته في ذلك مقالاته الأسبوعية في جريدة الأهرام المصرية، حيث يدعو الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته من خلال إظهار الدلائل الكونية على قدرة الله تعالى وعظمته في صفحة ذلك الكون الفسيح ونشأته، في ضوء ما ورد ذكره في القرآن الكريم من إشارات علمية لبعض الظواهر الكونية في خصائص مفردات الكون، وما توصل إليه العلم الحديث وثبتت صحته في ذلك، مثلما ورد في خلق الأرض والجبال والفضاء والهواء والماء.. إلخ، ويبدو لنا تأثير منهج التفسير العلمي للقرآن الكريم واضحًا في ثقافته، وذلك من خلال مؤلفاته ومحاضراته التي أشرنا إلى بعض منها سابقًا.

كما نلمح أيضًا تأثير منهج التفسير العلمي للقرآن الكريم على ثقافة الداعية الإسلامي الدكتور عبدالجواد محمد الصاوي (الباحث بهيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة)، وذلك من خلال لقاءاته ومحاضراته وأبحاثه في هذا المجال، ومن أشهر أبحاثه: (أطوار الجنين ونفخ الروح(7))، (من إعجاز القرآن والسنة في الطب الوقائي والكائنات الدقيقة(8))، (الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في دلالة غيض الأرحام(9)).

ومما سبق يتبين لنا أن لمنهج التفسير العلمي للقرآن الكريم، أثرًا إيجابيٌّا على ثقافة الداعية إلى الله تعالى فمن خلاله يستطيع الداعية أن يجمع بين نوعين من الثقافة، هما (الثقافة الشرعية والثقافة العلمية). ولا شك أن لهذه الازدواجية في الثقافة قوة في الحجة وبلاغة في الأسلوب، وفي ذلك رد على الفكرة العلمانية القائل بفضل الدين عن العلم بل عن الحياة!

ولننتقل فيما يلي إلى تأثير منهج التفسير العلمي للقرآن الكريم على الداعية الإسلامي في جانب آخر من جوانب حياته.

2 ـ أثره على عقيدة الداعية:

كما أن للتفسير العلمي للقرآن الكريم أثر على الجانب الثقافي للداعية إلى الله ـ كما بينَّا سابقًا ـ كذلك له أثره القوي المباشر على الجانب العقدي للداعية، ويتمثل ذلك في قوة إيمانه وبالتالي ثباته على الحق دائمًا في دعوته، وذلك من خلال تشبع نفس الداعية بالبراهين الكونية الناتجة عن الصحيح من الحقائق العلمية والمقبول من المسلّمات العقلية المقرونة بالإشارات القرآنية والتي تثبت وجود الله تعالى ومظاهر قدرته ودقة صنعه لهذه المخلوقات، وحكمته في تقدير وتدبير شؤون هذا الكون الفسيح من الذرّة إلى المجرّة، وأقل من ذلك أو أكثر، وهذا كله يكمن في التفسير العلمي للقرآن الكريم. فالبحث والتأمل في مظاهر قدرة الله تعالى ودلائل وجوده من خلال النظر في كتاب الله المسطور، والتأمل في كتاب الله المنظور، والربط بينهما وفق منهجية علمية صحيحة وباستخدام وسائل البحث الحديثة، ثم عرض ذلك على الناس بواسطة الدعوة الإسلامية، كل ذلك ينعكس على إيمان الداعية إلى الله تعالى بالزيادة والقوة سواء أكان الداعية باحثًا في هذا المجال أو مطلّعًا على بحوث غيره من العلماء في ذلك.

ولا شك أن العلماء والدعاة والباحثين كلما بحثوا بأنفسهم في هذا المجال أو غيره من مجالات العلم والمعرفة، وتوصلوا إلى حقائق علمية تتوافق مع الإشارات القرآنية، ولمسوا ذلك بأنفسهم وشاهدوه بأعينهم، إنما يؤدي ذلك إلى إيمان أقوى، وعلم أعمق، وعقل أرحب، وخشية من الله أكبر، قال تعالى:(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اَلَلَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفَاً أَلوَانُهَا وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَآؤُاْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(10).

3 ـ أثره على أخلاق الداعية:

قد بينَّا سابقًا، أن للتفسير العلمي للقرآن الكريم ـ كثقافة إسلامية وعلمية ـ أثرًا قويٌّا، ودورًا إيجابيٌّا، في عقيدة الداعية الإسلامي، لما فيه من براهين ودلائل ترقى بالداعية إلى سلامة في عقيدته، وقوة في إيمانه.

ومن المسلّم به قطعيٌّا أن العلاقة بين العقيدة الصحيحة، والسلوك الأخلاقي، علاقة مباشرة حيث يتأثر كل منهما بالآخر، فإذا صحت العقيدة وقوي الإيمان، قُوِم السلوك وحَسُنَت الأخلاق، والعكس بالعكس.

ولما كان بين العقيدة والسلوك أوثق ارتباطٍ وأعمقه وأقواه فإن الثقافة الإسلامية بترسيخها العقيدة في النفس الإنسانية إنما تقيم حجر الزاوية في التطهير النفسي من دنس الأهواء ونزعات الشيطان، وتنقي الضمير من شوائب الانحراف والفساد وبذلك تسمو بهذه النفس إلى حب الفضائل من الصدق والوفاء، والكرم والشجاعة، والتضحية والإيثار، ولأن الارتقاء بالنفس عن المستوى المادي القاصر المحدود يترك أطيب الثمرات في السلوك ويتيح للإنسان أن يحيا حياة كريمة طيبة.

قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(11).

ومما سبق نخلص إلى أن منهج التفسير العلمي للقرآن الكريم إنما يكون له جميل الأثر على الجوانب الثقافية والعَقَدية، وبالتالي على الجوانب السلوكية أو الخلقية في حياة الداعية الإسلامي، لما يجد الداعية الإسلامي في هذا المنهج من براهين ساطعة، ودلائل قاطعة على وجود الله تعالى ومظاهر قدرته من خلال التوافقية العلمية بين الحقائق العلمية الحديثة التي لم تعرفها البشرية من قبل وبين ما ورد في القرآن الكريم من إشارات تدل على صحة ذلك وتتوافق معه في إطار علمي صحيح، وقد سبق أن عرضنا لنماذج من الدعاة العاملين بمنهج التفسير العلمي في الدعوة الإسلامية، وبينَّا أثر هذا المنهج على الجوانب الثقافية في حياتهم.

وخلاصة القول أن الداعية إلى الله لا بد من تسلُّحه بالعُدّة الكافية وأهمها الثقافة الواسعة، والعميقة، ومن أهم جوانبها ثقافته أو علمه بمسائل العلوم الفلكية والمدنية والطبيعية والجغرافية والطبية وغيرها من علوم الكون ـ كما يقول ابن خلدون ـ لأن الثقافة الدينية والإنسانية والكونية هي عُدّة الداعية، وسلاحه الفعال في الدعوة الإسلامية(12).

ولا شك أن التفسير العلمي للقرآن الكريم يسلّح الداعية الإسلامي بكل ذلك، وهذا ما أثبتته الدراسات المنهجية والتطبيقية. وقد أثبتت الدراسات أيضًا أن للتفسير العلمي للقرآن الكريم دوراً فعالاً في حياة المدعوين (عَقَديٌّا وأخلاقيٌّا وثقافيٌّا) وهذا ما سوف نعرضه للقارئ الكريم في عدد قادم ـ إن شاء الله تعالى.

الهوامش:

1) الله يتجلى في عصر العلم، لنخبة من العلماء الأمريكيين، ترجمة د. الدمرداش عبدالمجيد سرحان، تعليق د. محمد جمال الدين الفندي، ط، مؤسسة الحلبي بالقاهرة، ص 28، 29.

2)    سورة آل عمران: الآية 104.

3)    سورة فصلت: الآية 33.

4)    سورة يوسف: الآية 108.

5)    تاجاتات تاجاسون، عميد كلية الطب بجامعة شاينج ماي ـ تايلاند، وقد أسلم في نهاية الجلسة الختامية للمؤتمر الطبي السعودي الثامن.

6) انظر: مجلة الإعجاز العلمي (العدد السابع) جمادى الأولى 1421هـ، ص 22 ـ 26.

7) انظر: مجلة الإعجاز العلمي (العدد السادس) محرم 1421هـ، ص 6 ـ 13.

8) مجلة الإعجاز العلمي (العدد الثامن) شوال 1421هـ، ص 6 ـ 13.

9) مجلة الإعجاز العلمي (العدد الثالث)، ربيع الثاني 1418هـ، ص 63 ـ 71، والعدد الرابع، محرم 1420هـ، ص 10 ـ 15.

10) سورة فاطر: الآية 27و 28.

11) سورة النحل: الآية 97، انظر كتاب (لمحات في الثقافة الإسلامية) ص 225.

12) انظر: الإشارات العلمية في القرآن الكريم ص240.
 
https://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/71-Number-XIII/697-The-impact-of-scientific-explanation-in-the-corners-of-the-call-(-its-impact-on-the-preacher-)