logo.png
مراحل تكون اللبن
طباعة



مراحل تكون اللبن

قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾النحل: 66.

المعاني اللغوية:

الفرث هو ما في الكرش . وقيل : هو السرجين ما دام في الكرش.

قال بعض المفسرين أن معنى "من بين" أنها تعنى من بعض الفرث ثم من بعض الدم، على الرغم من عدم معرفتهم للكيفية التي لم يطلع عليها البشر إلا بعد قرون من نزول هذه الآية الكريمة.

أن لفظ "خالصاً" في الآية دليل آخر على أن مواد اللبن تخلص من بين الدم بعد أن خلصت من الفرث، وقد ألمح إلى هذا المعنى الطبري بقوله: (خلص من مخالطة الدم والفرث فلم يختلطا به).

الحقيقة العلمية:

بعد أن اكتشف الإنسان أسرار الهضم ومراحله ووظائف أعضاء الجهاز الهضمي والدورة الدموية ووظيفة القلب والأوعية الدموية ، وسيرها في الجسم وعلاقتها بالجهاز الهضمي وسائر أجزاء الجسم بما فيها ضروع اللبن والغدد اللبنية في الأنعام، تمكن الإنسان من معرفة طريقة تكون اللبن من الغذاء الذي تأكله الأنعام.

مراحل تكوين اللبن الخالص السائغ:

يتم تكوين اللبن في الأنعام بالتنسيق المحكم والتدرج الدقيق بين الجهاز الهضمي والجهاز الدوري والجهاز التناسلي عن طريق الغدد اللبنية في الضروع وغيرها من الأجهزة حيث جعل الله لكل جهاز وظيفة وأعمالاً خاصة يقوم بها ليتكون - في نهاية المطاف - اللبن الخالص السائغ للشاربين. ويمكن أن نجمل مراحل تكون اللبن كالآتي :

1. الهضم (Digestion)

يتم الهضم على عدة أشكال فمنه الهضم (الحركي) والهضم الكيماوي والهضم الميكروبي بواسطة (خمائر) الميكروبات الموجودة في كرش الأنعام، تبدأ عملية الهضم في الفم بنوعيها : الهضم (الحركي) و (الخمائر) حيث يتم تقطيع مواد العلف بالمضغ، وخلطها باللعاب الذي يحتوي على أنزيم (الأميليز) الذي يقوم بهضم مبدئي ثم في المعدة المركبة حيث يتم هضم ميكانيكي وميكروبي وكيماوي. ثم يتم اجترار الكتلة الغذائية من الكرش إلى الفم ليعاد مضغها وخلطها باللعاب، ثم إعادة بلعها لتعمل عليها بكتريا الكرش فتحلل (السكريات) و(البروتينات)، ثم يحدث الهضم (الخمائري) في المعدة الحقيقية (بالببسين والرنين). وبعمليات الهضم هذه يتحول العلف إلى فرث. وبانتقال الفرث إلى الأمعاء الدقيقة تستمر عملية الهضم فيتعرض الفرث للإنزيمات الهاضمة في الأمعاء والبنكرياس والعصارة الصفراء في الكبد.وبهذا يتم تحليل الأطعمة المحتوية على الجزيئات المعقدة جداً إلى جزيئات بسيطة، فالنشا والسكريات المعقدة تتحول إلى سكريات بسيطة ، والدهون تتحول إلى أحماض دهنية ، والبروتينات تتحول إلى أحماض أمينية وببتيدات، أما الفيتامينات والأملاح والماء فلا تحتاج إلى هضم قبل امتصاصها، ويتحول الفرث الصلب بعد هضمه في الأمعاء إلى فرث رائق.

2. الاستخلاص من بين الفرث :

تقوم الخملات في الأمعاء الدقيقة بامتصاص المــواد الغذائيـة المحللة بعـدة  طرق، وتصل هذه المواد إلى داخل الأوعية الدموية الصغيرة الواقعة تحت النسيج الطلائي ، ومنها إلى الأوعية الدموية الأكبر، فتدخل في تيار الدورة الدموية.

3. الاستخلاص من بين الدم :

ثم يقوم الدم بنقل هذه المواد الغذائية إلى جميع خلايا الجسم والتي منها خلايا الضروع التي يتم فيها امتصاص مكونات اللبن من بين الدم.

4. تصنيع اللبن في الضرع :

والضرع مدينة صناعية يتكون من فصوص، وكل فص يتكون من عدد من الفصيصات، وكل فصيص يحتوي ما بين 150-220 حويصلة مجهرية، والحويصلة المجهرية عبارة عن تركيب يشبه الكيس حيث يصنع اللبن ويفرز. وكل حويصلة تعد وحدة صناعية مستقلة متكونة من تجويف لجمع اللبن محاط بطبقة واحدة من الخلايا الطلائية (الظهارية)، وكل خلية في هذه الوحدة الصناعية وحدة متكاملة قائمة بذاتها تحول ما بداخل جوفها من مواد أولية قادمة من الدم إلى قطيرة لبن تفرز في ذلك التجويف.

إن الخلية الطلائية (الظهارية) اللبنية هي التي يجعل الله داخلها جميع عمليات تصنيع اللبن بمكوناته المختلفة، فتصل المكونات الأساسية للبن إلى الغشاء القاعدي للخلية اللبنية، فيأخذ كل مكون طريقه عبرها ليصل إلى القسم المناسب داخل الخلية حيث تجري عليه العمليات التي قدرها عالم السر وأخفى –سبحانه-، فيخرج من الجهة العليا للخلية مادة جديدة تشكل مع المواد الأخرى الناتجة لبناً سائغاً للشاربين. فتعال معنا نتتبع مسار كل مادة وردت من الدم، وما يحصل لها في رحلتها عبر الخلية اللبنية.

يبين الشكل آليات انتقال مكونات اللبن من الشعيرات الدموية عبر الخلية اللبنية إلى تجويف الحويصلة بعد تعرض قسم منها إلى معالجات تحولها إلى مواد مناسبة لتركيب اللبن، وانتقال قسم آخر دون تغيير عبر الخلية أو عبر مسالك بين الخلايا اللبنية.

1. الأحماض الأمينية : تنطلق الأحماض الأمينية التي جاءت من الدم، وتتوجه إلى القسم المناسب من المصنع، وهو الرايبوسومات المتعددة المنتشرة على الشبكة الإندوبلازمية الخشنة. وهناك ترتبط معاً لتكوين البروتينات، ثم تصب في تجويف الحويصلة. وهكذا توفرت                     مكونات اللبن من البروتينات.

2. سكر اللبن (اللاكتوز) : يدخل سكر الجلوكوز القادم من الدم الخلية، فيتحول بعضه إلى جالاكتوز، ويدخلان معاً جهاز جولجي ليتعرضا لتفاعلات تؤدي إلى تكوين (سكر اللبن) (اللاكتوز)، وهو مادة مهمة من مكونات اللبن.

وينضم سكر اللبن والماء إلى البروتينات بانتظار مكونات أخرى مهمة ومنها الدهون.

3. الدهون : تستقبل الخلايا الطلائية الأحماض الدهنية الجاهزة والجليسيرول، القادمة من الدم لتشكل مادة دهنية في الشبكه الأندوبلازمية التي يخرج منها الدهن عندئذ في صورة قطيرات دهنية صغيرة تتجمع لتشكل قطيرة أكبر فأكبر تتجه نحو الغشاء العلوي للخلية حتى إذا ما وصلته هداها ربها للاندفاع بقوة للالتحاق بمكونات اللبن السابقة.

4. الأجسام المضادة : تأتي الأجسام المضادة من الدم عبر الغشاء القاعدي الجانبي للخلية اللبنية، ثم تحملها حويصلات النقل (ناقلات) عبر الخلية لتصل إلى السطح الداخلي للغشاء العلوي للخلية، فتطرح هذه الأجسام المضادة المناعية في تجويف الحويصلة دون أن تتعرض هذه الأجسام لشئ مما تعرضت له المكونات الأخرى من معالجة وتغيير.
5. مكونات أخرى: مثل الماء وكريات الدم البيضاء، وبعض الأيونات والأملاح حيث تشق طريقها إلى تجويف الحويصلة عبر مسالك ضيقة بين الخلايا.

الغدد الثديية التي تقوم باستخلاص اللبن من مكونات الفرث الذي صب في الدم ، ومن مكونات الدم الأخرى الثابتة فيه كبروتينات المناعة وبعض الإنزيمات والمركبات الكيميائية التي تتألف في الدم، ثم تقوم بتجهيزه وإضافة بعض المواد  إليه ؛ كسكر اللبن. وهكذا تنتهي الرحلة المقدرة بأمر الله لمكونات اللبن.


وجه الإعجاز:

ما كان أحد يعلم قبل اكتشاف أجهزة التشريح في القرنين الماضيين أسرار ما يجري في الجهاز الهضمي عند الحيوان والإنسان ووظائف ذلك الجهاز المعقد وعلاقته بالدورة الدموية ومراحل تكون اللبن في بطون الأنعام.

فلما تكاملت صناعة الأجهزة والتجارب العلمية عبر قرون عرف الإنسان أن مكونات اللبن تستخلص بعد هضم الطعام من بين الفرث، وتجري مع مجرى الدم لتصل إلى الغدد اللبنية في ضروع الإناث التي تقوم باستخلاص مكونات اللبن من بين الدم دون أن يبقى أي آثار في اللبن من الفرث أو الدم، وتضاف إليه في حويصلات اللبن مادة سكر اللبن التي تجعله سائغاً للشاربين.

هذه الأسرار كانت محجوبة عن البشر، فلم يكتشفوها إلا بعد رحلة طويلة من التجارب والبحوث العلمية التي استغرقت قروناً واستعملت فيها أجهزة صنعت لأول مرة على أيدي الباحثين إذ لم يكن لها وجود عند البشر قبل ذلك. ولكن القرآن الكريم كشفها بأجمل عبارة وأوجز لفظ قبل ألف وأربعمائة عام، فمن علّم محمداً صلى الله عليه وسلم من بين سائر البشر في ذلك الزمن أسرار الجهاز الهضمي والجهاز الدوري ودقائق ما يجري في غدد اللبن إلا الذي يعلم السر في الأرض والسماء، ويعلم أسرار ما خلق من الكائنات؟، فيكون ذلك شاهداً على أن القرآن نزل بعلم الله وأن محمداً رسول الله. قال تعالى : ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾النساء: 166.

Related references:
1. Watson, C.J. & Khaled, W.T. Mammary development in the embryo and adult: a journey of morphogenesis and commitment. Development 135, 995-1003 (2008).
2. Hens, J.R. & Wysolmerski, J.J. Key stages of mammary gland development: molecular mechanisms involved in the formation of the embryonic mammary gland. Breast Cancer Res 7, 220-4 (2005).
3. Sternlicht, M.D. Key stages in mammary gland development: the cues that regulate ductal branching morphogenesis. Breast Cancer Res 8, 201 (2006).
4. Sternlicht, M.D., Kouros-Mehr, H., Lu, P. & Werb, Z. Hormonal and local control of mammary branching morphogenesis. Differentiation 74, 365-81 (2006).
5. Fata, J.E., Werb, Z. & Bissell, M.J. Regulation of mammary gland branching morphogenesis by the extracellular matrix and its remodeling enzymes. Breast Cancer Res 6, 1-11 (2004).
6. Robinson, G.W., Hennighausen, L. & Johnson, P.F. Side-branching in the mammary gland: the progesterone-Wnt connection. Genes Dev 14, 889-94 (2000).
7. Brisken, C. et al. Essential function of Wnt-4 in mammary gland development downstream of progesterone signaling. Genes Dev 14, 650-4 (2000).
8. Streuli, C.H., Bailey, N. & Bissell, M.J. Control of mammary epithelial differentiation: basement membrane induces tissue-specific gene expression in the absence of cell-cell interaction and morphological polarity. J Cell Biol 115, 1383-95 (1991).
9. Zarzynska J, Motyl T.Apoptosis and autophagy in involuting bovine mammary gland. J Physiol Pharmacol. 2008 Dec;59 Suppl 9:275-88.
10.Potter, N.N. & J. H. Hotchkiss. (1995). Food Science. Fifth Edition. New York: Chapman & Hall. pp. 279-315.

 
https://www.eajaz.org//index.php/Scientific-Miracles/Medicine-and-Life-Sciences/11395-marhel-milk