1 ـ جزء يتبخر مباشرة ويعود إلى الغلاف الجوي.
2 ـ جزء يجري على السطح وتتكون منه الأنهار والجداول ويسمى الماء المنطلق (Run-off).
3 ـ جزء يدخل إلى التربة ويتسرب منها إلى الصخور التي تحتها ويسمى الماء المتخلل (Percolating water) والذي يتخلل إلى مستودعات المياه الجوفية.
والحقيقة التي تتضح جلية أن هذه النظرية العلمية التي أثبتت أن مصدر المياه الجوفية من الأمطار لم تكن بجديدة في كتاب الله ـ عز وجل ـ حين أشار إلى ذلك منذ مئات السنين بقوله سبحانه وتعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأَرْضِ) (المؤمنون: 18). وأيضا قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ) (الزمر: 21). وقال سبحانه وتعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) (الحجر: 22).
ولم تكن دورة المياه الجوفية معروفة منذ عهد (أفلاطون) ـ الذي أفترض: أن الرياح هي التي تقوم بدفع المياه إلى باطن القارات لتعود إلى المحيطات من جديد ـ وحتى اكتشافها في القرن السادس عشر لتحل محل النظريات البالية وذلك على يد (برنارد بليسي). وفي الواقع إن برنارد بليسي لم يأتي بجديد فلقد أشار القرآن الكريم إلى حقيقة دورة المياه الجوفية منذ مئات السنين والتي تتم خلال عمليات تشرب التربة المسامية بالمياه، ثم تتسرب منها إلى باطن الأرض، وهو ما ينطبق تماماً على التعبير القرآني: (فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ) (الزمر: 21).
ثانياً: شكل الحبيبات المكونة للصخر: فمن الواضح أنه إذا كانت الحبيبات حادة، أي ذات زوايا، فإن الزوايا تدخل في الفجوات التي بين الحبيبات الأخرى وتقلل المسامية.
ثالثاً: طريقة ترتيب (أو رص) الحبيبات: وتتوقف طريقة رص الحبيبات غالباً على مقدار الضغط الذي وقع على الراسب بعد ترسيبه نتيجة لتراكم الطبقات فوقه. أي أنه توجد علاقة مباشرة بين مسامية الصخر والعمق الذي يوجد فيه تحت سطح الأرض.
رابعاً: درجة تماسك الصخر: فإذا ترسبت رواسب كيميائية بين حبيبات الصخر أدى ذلك إلى تقليل مساميته. فالصخر الرملي إذا ترسبت بين حبيباته أكاسيد حديد أو أكاسيد السليكون (السليكا) أدى ذلك إلى تماسكه وفقدانه الجزء الأكبر من مساميته.
2 ـ الإنفاذ (Permeability):
هو سهولة مرور الماء وسرعة تحركه بين حبيبات الصخر وهذا هو ما نسميه نفاذية الصخور. فالطين مثلاً صخر غير منفذ، بينما الرمل منفذ جيد، والسبب في ذلك أن حبيبات الطين دقيقة جداً، ولذلك فإن الماء يُمسَك في هذه المسام بواسطة الخاصية الشعرية، وعلى ذلك لا يسمح الطين بمرور الماء فيه بل يمتصه ويبقيه بداخله، أما الرمل فإن حبيباته كبيرة نسبياً ومتباعدة بعضها عن بعض، فيمر الماء خلاله بسهولة ويسر.
3 ـ الإمرار:
هناك صخور تسمح بمرور الماء فيها بالرغم من أنه ليس بها مسام تذكر بين حبيباتها. فالجرانيت مثلاً مساميته ضئيلة جداً، وكذلك الصخر الجيري الدولوميتي، ولكن غالباً ما تسمح بمرور الماء فيها، وذلك لوجود شقوق وفواصل تعمل كأنابيب تسمح بمرور الماء. فالماء هنا لا يمر خلال الصخر نفسه بين حبيباته بل يمر خلال هذه الشقوق والفواصل.
ومن هنا نستطيع تقسيم الصخور بالنسبة لدراسة المياه الأرضية إلى أربع أنواع هي:
1 ـ صخور مسامية منفذة للمياه الأرضية، مثل الرمل.
2 ـ صخور مسامية غير منفذة، مثل الطين.
3 ـ صخور غير مسامية وممره، مثل الحجر الجيري.
4 ـ صخور غير مسامية وغير ممره، مثل الكوارتزيت.
من الصفات السابقة نجد أنه قد أمكن تقسيم المياه الأرضية إلى نوعين:
1 ـ المياه الأرضية الحرة والتي لا يقيد حركتها إلا الجاذبية الأرضية.
2 ـ المياه الأرضية المقيدة والتي يقيد حركتها وجود طبقة مانعة كالطين ـ مثلاً ـ إما فوقها أو تحتها أو كلاهما معاً.
مما سبق يتضح أنه من نعم الله علينا أنه قام بتسكين المياه في مستودعاتها تحت الأرض وذلك من أجل الإنسان وحياته والسؤال الذي يفرض نفسه علينا الآن (هل من الممكن أن يهرب الماء من مسكنه؟).
الإجابة بنعم إذا أراد الله ـ عز وجل ـ ذلك وتظهر كذلك الإجابة واضحة جلية وذلك في نفس الآية السابق ذكرها، حيث قال عز من قائل: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِى الأَرْضِ وَإنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) (المؤمنون:18). حقاً لقد أتي التهديد من الله ـ سبحانه وتعالى ـ على إمكانية زوال نعمة تسكين الماء وهروبه من مستودعه تحت الأرض، ولقد ذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية حيث يبين المولى ـ عز وجل ـ بأنه لو شئنا أن لا تمطر السماء لفعلنا ولو شئنا لصرفناه عنكم إلى السباخ والبراري والقفار لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه أجاجاً لا ينتفع به لشرب ولا لسقى لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه لا ينزل في الأرض بل ينجر على وجهها لفعلنا، ولو شئنا لجعلناه إذا نزل فيها يغور إلى مدى لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم الماء من السحاب عذباً فراتاً زلالاً فيسكنه في الأرض ويسلكه ينابيع في الأرض فيفتح العيون والأنهار ويسقي به الزروع والثمار تشربون منه ودوابكم وأنعامكم وتغتسلون منه وتتطهرون منه وتتنظفون فله الحمد والمنة.
مما سبق ذكره نستطيع أن نؤكد أنه من تمام نعم الله علينا أنه تولى بقدرته القيام بتهيئة المستودعات من أجل تسكين المياه في أماكنها، والحقيقة أنه يجب علينا أن نشكر الله ـ عز وجل ـ على هذه النعمة التي ننتفع بها ليل نهار، ولولا رحمته بعباده لجعل المياه العذبة المسكنة مياه مالحة غير صالح للاستخدام ولا ينتفع بها الإنسان والحيوان والنبات، كما بين ذلك في كتابه العزيز، قال تعالى: (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة: 70). ولو شاء الله كذلك لأزال كل العوامل التي تؤدي إلى تسكين المياه مما يؤدي إلى هروب الماء في باطن الأرض، كما قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ) (الـمُلك: 30).