logo.png
الخلايا الجذعية والموقف الفقهي
طباعة



د. محمد علي البار
ماهي الخلايا الجذعية؟

الخلايا الجذعية هي اللبنات الأولى التي يتكون منها الجنين وبالتالي كافة أنواع خلاياه وأنسجته المختلفة. (أكثر من 220 نوعا من الخلايا والأنسجة). ولذا فإن معرفة عمل هذه الخلايا وكيفية تخصصها وتحولها بأمر باريها وخالقها إلى خلايا قلب أوخلايا كبد أوخلايا جلد أوخلايا دماغ أوخلايا دم أوخلايا كلى...الخ هي في منتهى الأهمية  لمعرفة كيفية تكوين الجنين الإنساني، ومعرفة كثير من أسرار ذالك التكوين.  وبالتالي فهم نشأة هذا الخلق وتطوره، ومداواة ما يعرض له من شذوذات وأمراض، مثل أنواع الشذوذات الخلقية، والبول السكري، وأمراض القلب، وأنواع السرطان، وأنواع من أمراض الجهاز العصبي الخطيرة التي لا دواء ناجع لها حتى اليوم، ومثالها مرض الزهايمر ومرض باركنسون وأنواع من الشلل. وهناك العديد من الاستعمالات الطبية المستقبلية للخلايا الجذعية. وقد بدأت التجارب في كثير من هذه الميادين وحققت نجاحا جيداً.


والخلايا الجذعية تتكون في الجنين الباكر الذي يبلغ من العمر أربعة أيام الى ستة أيام منذ التلقيح عند تكوّن الكرة الجرثومية (الأريمة تصغير أرومة) (البلاستولا).  والكرة الجرثومية لها:

1. كتلة خلايا خارجة:   تكوّن بإذن الله المشيمة والأغشية التي يرتبط بها الجنين بالرحم.

2.  وكتلة خلايا داخلية: وهي التي يخلق الله منها سبحانه وتعالى جميع خلايا الجنين. وهي التي تعرف بإسم الخلايا الجذعية.


ومع تخصص هذه الخلايا الموجودة في الكتلة الداخلية وتقدم عمر الجنين تقل الخلايا الجذعية.  ولكنها لا تندثر وإنما تبقى في الجنين وفي المولود، وفي الانسان البالغ. وإن كانت بكميات تتناقص تدريجيا بتقدم عمر الجنين والمولود والطفل واليافع والبالغ.  ففي الانسان البالغ توجد خلية جذعية من كل مائة الف خلية من خلايا الدم، وفي نخاع العظام توجد خلية من كل عشرة ألآف خلية.

وقد أصدر المجمع الفقهي الاسلامي لرابطة العالم الاسلامي في دورته السابعة عشرة بمكة المكرمة في (1424هـ/2003م) قراراً بشأن الخلايا الجذعية وفيه:


يمكن الحصول على هذه الخلايا من مصادر عديدها منها:

1. الجنين الباكر في مرحلة الكرة الجرثومية (البلاستولا) وهي الكرة الخلوية الصانعة التي تنشأ منها مختلف خلايا الجسم، وتعتبر اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب هي المصدر الرئيس، كما يمكن أن يتم تلقيح متعمد لبيضة من متبرعة وحيوان منوي من متبرع للحصول على لقيحة وتنميتها إلى مرحلة البلاستولا، ثم استخراج الخلايا الجذعية منها.

2. الأجنة السقط في مرحلة من مراحل الحمل.

3. المشيمة أوالحبل السري.

4. الأطفال والبالغون.

5. الاستنساخ العلاجي، بأخذ خلية جسدية من إنسان بالغ، واستخراج نواتها ودمجها في بييضة مفرغة من نواتها، بهدف الوصول إلى مرحلة البلاستولا , ثم الحصول منها على الخلايا الجذعية.


وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة في الموضوع وآراء الأعضاء والخبراء والمختصين، والتعرف على هذا النوع من الخلايا ومصدرها وطرق الانتفاع منها، اتخذ المجلس القرار التالي:


أولاً: يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنميتها وإستخدامها بهدف العلاج أولإجراء الأبحاث العلمية المباحة، إذا كان مصدرها مباحا، ومن ذلك ــ على سـبيل المثــال ــ المصادر الآتية:

1. البالغون إذا أذنو، ولم يكن في ذلك ضرر عليهم.

2. الأطفال إذا أذن أولياؤهم, لمصلحة شرعية، وبدون ضرر.

3. المشيمة أوالحبل السري، وبإذن الوالدين.

4. الجنين السقط تلقائياً يجيزه الشرع، وبإذن الوالدين.

5. اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب إذا وجدت وتبرع بها الوالدان مع التأكيد على أنه لا يجوز إستخدامها في حمل غير مشروع.


ثانيا: لا يجوز الحصول على الخلايا الجذعية واستخدامها إذا كان مصدرها محرما ومن ذلك على سبيل المثال:

1. الجنين المسقط تعمداُ بدون سبب طبي يجيزه الشرع.

2. التلقيح المتعمد بين بييضة وحيوان منوي من متبرعين.

3. الاستنساخ العلاجي (انتهى قرار المجمع).


ويعتبر هذا القرار التاريخي معلما هاما في ميدان بحوث الخلايا الجذعية، ولم تصل اليه كثير من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية. ويفتح الباب للعلماء المسلمين عربا وعجما للولوج في ميادين أبحاث الخلايا الجذعية.  وقد حرصت المجامع الفقهية على تشجيع العلماء والباحثين في هذه المجالات البحثية الجديدة مثل الهندسة الوراثية والاستنساخ والخلايا الجذعية، وعلى توضيح ما يجوز وما لا يجوز، وبالتالي فإن الحكومات الاسلامية مدعوة لتشجيع هذه الأبحاث العلمية على هَدي هذه الفتاوى الرائدة.

 
http://www.eajaz.org//index.php/component/content/article/85-Number-xxvii/791-Stem-cells-and-the-doctrinal-position