السماء بناء وزينة | العدد الرابع عشر
السماء بناء وزينة
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



السماء بناء وزينة
إدريس الأشقـر

(قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) يونس (101)
ويقول سبحانه: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) آل عمران (191).
يقصد بالكون ـ حسب المعلومات والاكتشافات التي أدركها الإنسان ـ هذا الفضاء الرحيب الممتد والذي لم تعرف له نهاية، حيث تنتشر فيه وتتوزع ـ بحساب وجلال وحكمة ـ عدد كبير من المجرات Galaxies، وهي عبارة عن جزر كونية هائلة ملتهبة ينتظم فيها ـ بتقدير من رب العالمين ـ بلايين من الأجرام السماوية المنوعة من سحب غازية وغبار كوني Clouds Gas وسدم Nepulas ونجوم Stars وكواكب Planets ومذنبات Comets ونيازك Meteors وشهب.
والكون بصيغته الربانية هو هذه السماوات الأرض وما بينهما، وقد أورد الله ـ عز وجل ـ ذكرها في كثير من الآيات منها: (الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) السجدة (3).
إن السماوات والأرض موضوع ضخم، والتطرق إليه ليس بشيء هين ما دامت المعلومات المتوفرة ليست بكافية وثابتة، خصوصاً وأن أكثرها ما زال قيد الدراسة والتطوير. كما أ، هناك أشياء ما زالت وستبقى خارجة عن حدود الإدراك الإنساني. يقول الله ـ عز وجل ـ: (ولله غيب السماوات والأرض) النحل (77).
(لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) غافر (56).
لهذا سوف نكتفي في هذا المقال بسماء أرضنا، هذا الكوكب الذي ينتمي إلى مجرة (درب التبانة أو الطريق اللبني (Milky Way) التي هي على شكل قرص هائل من النجوم والغاز والغبار الكوني وسحابة مخلخلة جداً من الغاز. وحول هذا القرص توجد الهالة الكروية المكونة من تجمعات النجوم، عدا المذنبات، والنيازك، والكواكب، ولاكوازارات، والبوليسارات، والثقوب السوداء، والثقوب البيضاء، وما لا حصر له من الذرات، وشكل المجرة الخارجي حلزوني إذا نظر إليه من أعلى، وعدسي مسطح إذا نظر إليه من الجنب.
السماء بناء وزينة
يقول الله ـ عز وجل ـ في سورة ق (6): (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزينها وما لها من فروج). في هذه الآية الكريمة يخاطب الله ـ سبحانه وتعالى ـ الكافرين بقوله، أفلم يبصروا ويدركوا تفاصيل الكيفية التي بنيت عليها وزينت بها السماء التي من فوقهم بدون أن يكون لها فروج، ولقد مكن الله ـ عز وجل ـ كثيراً من العلماء ـ وجلهم من غير المسلمين أو الكافرين ـ ليدركوا تفاصيل ذلك، فأعطاهم ـ في عصرنا هذا ـ العلم وسخر لهم التكنولوجيا المتطورة ـ من أجهزة ومراصد ـ فاكتشفوا ما كان مقدراً لهم أن يكتشفوا ونشروا بحوثاً ومعلومات عديدة حول ذلك. وما زالوا يبحثون ويعملون ليلاً نهاراً، لا ليبرهنوا على عظمة الخالق ـ عز وجل ـ ولكن ليشفوا رغباتهم العلمية التي طغت عليها المادة والهيمنة والعولمة. وصدق قوله تبارك وتعالى: (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون...) يوسف (105).
شكل (1) المجموعة الشمسية في درب التبانة
فكل المعلومات التي جاءت بها التحليلات العلمية النظرية والتجريبية والاكتشافات التي واكبتها تؤكد أن هذا الفضاء ليس بفراغ ـ كما كان يعتقد من قبل ـ لكنه بناء محكم بنموذج فريد آخذ في الاتساع إلى أجل مسمى. والقرآن الكريم كان سباقاً في الخبر عن ذلك كله في كثير من الآيات التي نذكر منها:
(ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها). النازعات (27 ـ 28).
(والسماوات ذات الحبك) الذاريات (7).
فنحن نشاهد جزءاً من هذا البناء بالعين المجردة، أو بواسطة المجاهر الضخمة: فهذه كواكب، وهذه أقمار تدور حول الكواكب، وهذه نجوم (تعد بالبلايين) تتخلل السماء وتتلألأ في ظلمة الليل، والكل معلق في الفضاء، سابح في أفلاكه ومداراته، لكن متماسك بدون عمد فيما بينه بقوة وحكمة ربانية (قوة جاذبية وقوة طاردة وأخرى لا يعلمها إلا الله). فلا اختلال ولا اضطراب في هذا التماسك بل هو بنيان متين وفريد. وهو صنع الله الذي أتقن كل شيء، والذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، وصدق تعالى عند قوله: (الله الذي رفع السماوات والأرض بغير عمد ترونها). الرعد (2). (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا). فاطر (41). (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه) الحج (65).
فالسماء بناء والغلاف الجوي الأرضي جزء منه حيث لا تراه العين المجردة بل تحس به من خلال أجهزة القياس التي رصدت لهذه الغاية والمعلومات التي جمعت في هذا الميدان.
أ ـ الغلاف الجوي الأرضي وزينته
يؤدي الغلاف الجوي الأرضي دوراً كبيراً في استمرار الحياة والنمو لكل المخلوقات، فهو باب مفتوح في بعض الحالات وباب مغلق (يعني سقف محفوظ للرد والرجع) في حالات أخرى، وكما نعلم فالأرض كوكب تحيط به طبقات جو تحتوي على كمية كبيرة من الهواء ـ وهو خليط من جزيئات النتروجين (78%) والأكسجين (21%) والهيدروجين (1%) وأكسيد الكربون والنتروجين وغازات أخرى وغبار، وتنقلص كثافة هذه الجزئيات كلما ارتفعنا من سطح الأرض لتندثر بعد ذلك في أجواء جد عليا (10).
شكل رقم (2) طبقات الجو الأرضية
على ضوء الأشعة الشمسية المرئية خلال النهار (التي هي مزيج من الأشعة المرئية المختلفة الألوان من البنفسجي إلى الأحمر أي من 4.0 (m) إلى 75.0 (m) يظهر لنا هذا الغلاف (عند خلوه من السحب والغبار) أزرق كالقبة من فوقنا. أما أثناء الشروق والغروب فيميل هذا الغلاف على الاحمرار. وإن هذه الزرقة وهذا الاحمرار، إن دل على شيء، فهو يدل على وجود تلك الجزيئات السالفة الذكر في بناء منظم ومحكم، فزرقة السماء دليل على تشتيت الأشعة الشمسية وانتشار الضوء الأزرق بكثرة في طبقات الجو (تشتت رايليغ. (2) diffusion of Rayleigh أما احمرار السماء فهو كذلك نتيجة تشتيت الأشعة الشمسية وكثرة انتشار الضوء الأحمر في الأجواء السفلى التي تحيط بسطح الأرض.
أما خلال الليل فتغيب الأشعة الشمسية على الغلاف الجوي ونرى كل السماء (بما فيها الغلاف الجوي) مظلمة تتخللها كواكب ونجوم مختلفة الأشكال وهي متلألئة. فالفضاء خارج الغلاف الأرضي هو فضاء مظلم حيث الانعدام النسبي لتلك الجزيئات لأنه لا يسمح بتشتت الأشعة ثم إظهارها(3).
شكل رقم (3) درجات الحرارة عبر طلقات الجو الأرضية
إن هذه الزرقة وهذا الاحمرار وهذه الظلمة التي تتخللها أنوار الأشياء الكونية ـ زيادة على الطيف المتشكل نتيجة السحب المارة ـ تعطي للسماء أردية مختلفة الأشكال والألوان تغيرها كأي إنسان يغير ملابسه المختلفة عبر الأيام. إن هذه المظاهر التي نشاهدها ونمر عليها يومياً هي آيات بينات تدل على الكيفية التي زين بها الله ـ عز وجل ـ هذه السماء وصدق قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه) السجدة (7).
ب ـ الطبقةات الجوية الأرضية وأدوارها

(4)و (5)و (6)

يقول الله ـ عز وجل ـ: (وخلق كل شيء فقدره تقديرا) الفرقان (2). (وأوحى في كل سماء أمرها). فصلت (11) (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه) الجاثية (12). ولقد تبين للعلماء أن الغلاف الجوي يتكون من خمس طبقات مختلفة صنفت من حيث سمكها ونوعية جزيئاتها وكثافتها والأدوار التي سخرت لها بتقدير مضبوط من رب العالمين لضمان الحياة والنمو لكل المخلوقات.
(تروبوسفير): Troposphere طبقة تأتي مباشرة بعد سطح الأرض وترتفع إلى علو بين (8 ـ 15كلم). يوجد فيها 85% من الكتلة الكلية الجوية، أكبرها كمية هو خليط من لاهواء قابل للاستنشاق ثم ثاني أكسيد الكربون، هذه المادة الحيوية والضرورية لتفكيك المادة العضوية (organiquque decomposition de la matiere). كما يتم في هذه الطبقة تنشيط وتفعيل السحب لتمطر ماء أو ثلجاً، وتنشيط الرياح والعواصف.
ستراتوسفير: Stratosphere طبقة تأتي من بعد (التربوسفير) إلى علو يناهز 50كلم. تتكون من جزيئات أكثرها غاز الأوزون الذي يمتص تقريباً كل الأشعة البنفسجية المضرة ويحصرها لحماية الكائنات الحية من الأمراض والأخطار.
(ميزوسفير): Mesosphere طبقة تأتي من بعد (الستراتوسفير) إلى علو يناهزها 90كلم. وتلعب دوراً كبيراً في حفظ الأرض ومن عليها من كل جسم خارجي حيث يتم احتراق وتفتيت الشهب والنيازك والمكوكات الفضائية والمستغنى عنها والأقمار الصناعية العاطلة إلى غير ذلك من شظايا الأجسام الكونية التي تدخل الغلاف الجوي الأرضي.
(تيرموسفير): Termosphere طبقة تأتي من بعد (الميزوسفير) إلى علو يناهز 600 كلم. وقد سخرت لضبط الحرارة عبر كل الطبقات وتكييفها. كما يوضح لنا ذلك الرسم التبياني للتغير الذي يقع في درجة الحرارة عبر طبقات الجو. الشكل (3).
(إكسوسفير: Exophere أعلى طبقة في الأجواء الأرضية. تدور فيها كل الأقمار الاصطناعية ولك المكونات الفضائية حول الأرض.أيونوسفير: Ionosphere وهي طبقة تقع تحت تأثير الأشعة الشمسية (خصوصاً منها أشعة سين الأشعة تحت البنفسجية والجزيئات الشمسية الأخرى) والأشعة الكونية الأخرى التي تدخل الغلاف فينتج تأين المادة Ionisation de la matiere(8) بين علو (60 و 600كلم)، وتسمى هذه الطبقة التي اكتشفها كنيلي (Kennely – Heabisid) عام 1902م، طبقة اليونوسفير (Ionosphere). وتتأثر بالمناخ الذي يسود المنطقة (فصل، نهار أو ليل، حرارة...). وتلعب الطبقة الموجودة على ارتفاع 110 كلم (طبقة كنيلي) دوراً كبيراً في انعكاس الأشعة الراديوية ذات الموجة القصيرة (5) (High Frequencies: HF)، وتستخدم بتسخير من الله ـ عز وجل ـ للاتصالات اللاسلكية بين البلدان والقارات. انظر الشكل (4).
شكل رقم (4) "اليونوسفير" وإنعكاس الأشعة الراديوية
(الماغنيتوسفير: Magnelosphere كما هو الشأن في الكواكب الأخرى يوجد في الأجواء العليا المحيطة بالأرض بعد طبقة اليونوسفير (بين 650 و 160000 كلم) حزام مغناطيسي، وهو يحصل نتيجة التفاعلات التي تقع بين الرياح الشمسية والجزيئات المكهربة. وتلعب هذه الطبقة المتمددة في الاتجاه المعاكس للشمس دوراً كبيراً لمغناطيسية الأرض بقطبيها الشمالي والجنوبي. أنظر الشكلين (4 و 5).
شكل رقم (5) الماغيتوسفير
السماء لها أبواب (Fenetres) مالها من فروج والسماء ذات الرجع (Pouboir de reflexion)
أ ـ السماء بناء في اتساع دائم بدون فروج:
مما سبق بيانه يتضح لنا أن السماء بناء متماسك متين ومحكم، بكيفية فريدة ربانية. بحيث لا نرى في خلق الرحمن من تفاوت، فلا خلل ولا اضطراب في هذا التشيد الضخم، بل هناك توازن كوني دائم إلى أجل مسمى. فرب العالمين قد بناها وزينها وأوحى في كل سماء أمرها بتقدير، واتساع بدون أن يكون لها فروج. فلا الشكل (2): طبقات الجو الأرضية أشياء كونية تخرج وتنفلت عبر فروج.
من هذه السماء، ولا أشياء تدخل وتولج فيها، بل هناك فقط ما ينزل منها وما يعرج فيها من خلال أبواب قد سخرت بتقدير وسلطان مبين فهي لذلك سقف محفوظ. اقرأ قوله تعالى:
(وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتنا معرضون). الأنبياء (32). (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما يعرج فيها). الحديد (4).
نلاحظ من خلال آية سورة الحديد الإشارة إلى النزول من السماء والعروج فيها. وهكذا لم يكن قوله تعالى ـ فيما يخص السماء ـ وما ينزل منها (آتياً من خارجها) وما يعرج فيها(ذاهباً إلى خارجها). وهذا ما يدل على أن الكون (السماء والأرض وما بينهما) بنيان محفوظ بدون فروج. وهو بتدبير من الله رب العالمين أي منه وإليه ـ جل وعلا ـ إن هذه الإشارات وتلك التي جاءت في الآيات الكريمات لهي دليل في نظري على ما توصل إليه العلم حديثاً وبالخصوص نظرية الانفجار العظيم أو الرتق (Big Bang). ومعنى ذلك أن الكون انطلق من نقطة ذات كثافة كبيرة فتناثرت أجزاؤه وأخذت في الاتساع دون توقف، لكن إلى أجل مسمى (1). ويمكن أن يفهم هذا في قوله تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) الأنبياء (30).
(أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزينها وما لها من فروج). ق (5).
(والسماء بنيناها بأييد وإنما لموسعون). الذاريات (47).
ب ـ السماء وأبوابها المختلفة :
يقول الله ـ عز وجل ـ: (ولو فتحنا باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) الحجر (14 ـ 15).
(يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) الرحمن (31).
لقد استطاع الإنسان أخيراً أن يغزو الفضاء. وقد بدأ ذلك بخروج أول رائد فضاء. يوري جاجارين الروسي ـ في 12 أبريل عام 1961م ـ ثم ساهمت وكالتا الفضاء الأمريكية (ناسا NASA) والسوفيتية بعدة رحلات فضائية. أولها كان إلى القمر بواسطة (أبوللو 11) في 16 يوليو عام 1969م. وقد يكون ذلك فتح لباب من هذه السماء بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا التي مكنهم الله ـ عز وجل ـ منها. باباً من السماء (في الغلاف الجوي) حيث عاكسوا قوة الجاذبية الأرضية وأفلتوا منها ووصلوا إلى الفضاء الخارجي حيث تنعدم نسبياً تلك الجاذبية وظلوا فيه يعرجون ورأوا ما رأوا، وأدركوا ما أدركوا أن حالة الليل هي الدائمة في الفضاء (3)، أما الضياء الذي نشاهده حول جرم من الأجرام فهو نتيجة تشتت الأشعة الشمسية المرئية على أن للسماء باباً كذلك يفتح لتسرب وانتقال الأشعة الشمسية المرئية. كما أدركوا واكتشفوا في هذه السماء أبواباً أخرى منها منافذ للأشعة تحت الحمراء ومنافذ للأشعة الراديوية القصيرة جداً جداً.
(High Frequencies; UHF: Ultra High Frequencies VHF: Very) والتي سوف نبسط الكلام عنها في الفقرة الموالية.
ج ـ تسرب وانتقال الأشعة الكهرومغناطيسية وامتصاصها وردها
يقول الله ـ عز وجل ـ: (والسماء ذات الرجع). الطارق (10).
(وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتنا معرضون). الأنبياء (32).
لقد ضمن الله ـ عز وجل ـ العيش والنمو لجميع الكائنات الحية بإرسال ـ عبر أبواب من السماء ـ بعض الأشعة الشمسية الضرورية، ولذلك حجب بعضها الآخر الذي هو مضر بها عبر قدرة الرجع والامتصاص للسماء. فكيف يكون ذلك؟ لقد وظف ـ سبحانه وتعالى ـ لهذه الأمر المطاع الغلاف الجوي الأرضي. فالشمس كما نعلم نجم مضيء يفرز بمقدار الأشعة الكهرومغناطيسية Electromagnetique Rayomnenent التالية: الأشعة جاما وأشعة سين (RX:Rayons X) والأشعة فوق البنفسجية (UV:Ultra- Violet) والأشعة المرئية (V: Visible) والأشعة تحت الحمراء (IR:Infra – Rouge) والأشعة الراديوية (Radio). ونعلم أن القسط الأوفر من هذه الأشعة ما بين 0.25m (أشعة فوق البنفسجية) و 1.5m (أشعة تحت الحمراء) مع قيمة قصوية في الأشعة المرئية حوالي 5.0 m (9) و (10).
كما نعلم كذلك أن الأشعة الكهرومغناطيسية تتكون من جسيمات صغيرة جداً بدون كتلة ولا شحنة كهربائية لكن تحمل طاقة كهرومغناطيسية، وتسمى الفوتونات (Photons). وعند تفاعلها مع مادة ما (كيفما كان شكلها: غاز، سائل، أو صلب) تنعكس ويظهر هذا الشيء بألوانه حسب طبيعة مكوناته.
كيف يحدث الامتصاص أو الانتقال (مع الانعكاس)؟. إن الأشعة الكهرومغناطيسية مكونة من أشعة مختلفة تصنف حسب طول موجتها. وعند ولوجها الغلاف الجوي المكون من ذرات وجزيئات يقع تأثير بينهما. وحسب ذبذبة اهتزازهما (اهتزاز الجزيئات الناتج عن التحرك الحراري (Agitation Thermique) واهتزاز الأشعة الناتجة عن طبيعتها (التي منحها إياها الخالق ـ عز وجل ـ يحدث إما امتصاص (Absorption:A) أو انعكاس (Reflexion:R) أو انتقال (Transmission) لهذه الأشعة مع هذه المعادلة (A+R+T=1) أو بنسبة مئوية (نسبة الامتصاص) + (نسبة الانعكاس) + (نسبة الانتقال) = 100% وهكذا في حالة الانتقال التام) حيث تكون A=0 و R=0 تكون الأبواب مفتوحة فتسرب وتنتقل الفوتونات عبرها. وهذا ما يحدث تقريباً للأشعة المرئية حيث تتسرب وتنتقل حتى يدركها الإنسان بعينيه من خلال الانعكاسات التي تقع على الأشياء. في هذه الحالة تلعب الفوتونات المصنفة بطول هذه الموجة أو هذه الذبذبة دور المفاتيح، وتلعب الذرات أو الجزيئات التي ساهمت في هذا الانتقال دور الأبواب. وبما أن الغلاف الجوي طبقات مكونة من جزيئات وذرات منوعة، لذا فهي تشكل أبواباً مختلفة. سيكون إذن التسرب للأشعة الكهرومغناطيسية عبر مفاتيح مختلفة كذلك. وتخص هذه الحالة كلاً من الأشعة المرئية (بقسط كبير لتوفير الضياء والطاقة الشمسية الكهربائية)والأشعة تحت الحمراء (خصوصاً منها البعيدة IR – Lointain: 0.1 mm إلى (25 m) بقسط ضروري للدفء والطاقة الشمسية الحرارية (11) و (12) والأشعة البنفسجية خصوصاً منها UV – A بقسط ضئيل جداً لا ضرر فيه للكائنات الحية ولإنتاج الفيتامين D الضروري للإنسان.

أشعة

Y

RX

UV

V

IR

Radio

طول الموجه

0.58

4.8

0.4

0.75

0.1

ما فوق

0.0058

0.58

4.8

0.4

0.75

0.1

 


الجدول(1) الأشعة الكهرومغناطيسية) تذكر أن إ 1=10000000000/1 متر)
أما في الحالة التي تنتج عنها ذبذبة الاهتزازات بحيث تسمح ـ إما بالانعكاس أو الامتصاص ـ فلا تفتح السماء أبوابها لهذا النوع من الفوتونات، وتخص هذه الحالة كل ما تبقى من الأشعة البنفسجية الخطيرة على الكائنات الحية بقسط كبير خصوصاً منها (UV-B و UV-C) والأشعة الحمراء (m Proche-IR: 0.75 إلى (m3) و Moyen-IR: 3 على (m25) بقسط ضئيل.
نحن لا نرى هذه النوافذ لكن نحس بها من خلال الأجهزة والمراصد والنتائج المحصل عليها، حيث نلاحظ نافذة صغيرة محصورة بين 0.4(m) و 0.75 (m) لتسرب كل الأشعة المرئية تقريباً، ثم نوافذ صغيرة لتسرب مضبوط للأشعة الراديوية الجد قصيرة VHF و (13) UHF. وتستعمل هذه النافذة في الاتصالات اللاسلكية (أرض ـ جو) عبر الأقمار الاصطناعية وتهم المحطات الفضائية والهواتف النقالة ومجالات أخرى مدنية وعسكرية للاتصال والمراقبة والرصد (14).
كما نلاحظ كذلك عدم انتقال الأشعة الراديوية (HF). ويخص هذا الرد الإرسال الإذاعي ومجالات أخرى للاتصال (أرض ـ جو) مدنية وعسكرية في نفس الموجات (16) نفس الشيء يحدث بالنسبة للأشعة البنفسجية والسينية. فهي ترد أو تمتص تقريباً في طبقات الجو الأرضية العليا.
وخلاصة لهذا نقول: إن السماء مكونة من أبواب فردية صغيرة الحجم (حجم الجزيئات أو الذرات) في كثافة متفاوتة حسب الطبقات، لكن إجمالياً فهي تمثل باباً كبيراً مسخراً إما أن يكون مفتوحاً (شفافاً) أو مغلقاً (معتماً) نسبياً أمام الأشعة الشمسية وأصنافها. وتلعب المناخ (سحب، غبار، رطوبة، حرارة، برودة...) الذي يعم منطقة من المناطق دوراً كبيراً في انتقال أو انعكاس أو امتصاص هذه الأشعة.

 

أشعة راديوية

تردد

طول الموجة

قصيرة HF

30 Mhz : 3 Mhz

100م- 10م

جد قصيرة VHF

300 Mhz : 30 Mhz

10م -1م

جد جد قصيرة UHF

300 Mhz : 300 Mhz

1م-1م

الجدول رقم (2) الأشعة الراديوية Khz=1Khz=1000Hz=1000000


د ـ أبواب أخرى مختلفة الأدوار في السماء وهي غيب لا نعرفه:
لقد تكلم القرآن الكريم عن أبواب عديدة:
(إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط). الأعراف (39).
(يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً * وفتحت السماء فكانت أبوابا). النبأ (18 ـ 19).
هناك في السماء ليست بالضرورة الغلاف الجوي الأرضي، ولكن يمكن أن تكون في منطقة ما من مناطق هذا الفضاء الرحب، (لا علم للإنسان بها، ربما بين السماوات والأرض: (ولله غيب السماوات والأرض) النحل (77). فهذه أبواب سخرت لتفتح لأهل الجنة (لأنفس أهل الجنة أو أرواحهم) وتغلق أمام أهل النار.
شكل رقم (6) إنتقال الأشعة الشمية بعد التشتت والانتصاص في الأجواء الأرضية
(IAAI) لقد أنعم الله ـ عز وجل ـ على الكائنات الحية بنعم (ظاهرة وباطنة) لا تحصى. ومن هذه النعم تسخير الغلاف الجوي الأرضي لضمان الحياة والأمن والزرق. اقرأ قوله تعالى: (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة). لقمان (19).
شكل رقم (7) أبواب السماء المفتوحة والمغلقة بالنسبة للأشعة الشمسة
(قل من يرزقكم من السماء والأرض). يونس (31).
وقدر تعالى التركيبة المطلوبة في طبقات هذا الغلاف لتكون منفذاً (باباً مفتوحاً) لتسرب أشعة ما وانتقالها، أو تكون حاجزاً (رجع) لانعكاس أشعة ما، وردها، أو بيئاً مفروشاً لامتصاص أشعة أخرى وتحويلها. كما جعل الله ـ عز وجل ـ الطبقة الجد منخفضة للغلاف الجوي التي تقع على علو لا يتعدى 10 كلم منطقة مهيأة لتنشيط وتفعيل السحب (17) و (18) والغبار والرياح وإرجاع ذلك كله على أشكال من المطر أو الثلوج أو العواصف.
شكل رقم (8) انتقال وانعكاس وامتصاص الأشعة عبر الغلاف الجوي (في حالة معتمة وشفافة)
فعلاوة على تنزيل الماء من المزن ـ الرزق الحيوي الأساسي ـ نجد أن الاتصالات اللاسلكية عبر الأقمار الصناعية أصبحت تجارة ـ جد مربحة ـ في عصرنا هذا، فهذه قنوات فضائية وتلك محطات فضائية للبحث والرصد والمراقبة.
وصدق قوله ـ تبارك وتعالى ـ: (وفي السماء رزقكم). الذاريات (22).
أوجه الإعجاز العلمي في هذا الموضوع:
الإشارة الإعجازية الأولى: السماء بناء وزينة ما لها من فروج
لقد وردت في القرآن الكريم آيات بينات كثيرة لها دلالاتها الإعجازية العلمية في كثير من المجالات العلمية المتخصصة. ولقد تطرق العديد من علماء المسلمين الأجلاء ـ جزاهم الله خيراً ـ إلى بعض الآيات ـ التي ذكر فيها موضوع السماوات والأرض. فربطوا بين دلالاتها وبين ما كشف عنه العلم في هذا الميدان.
لقد توصل العلم في عصرنا هذا من خلال المعارف التي جمعت والدراسات التي أجريت، إلى نتيجة ذات أهمية قصوى، تشير إلى نظرية الانفجار الأعظم التي كانت الانطلاقة الأولى لنشأة هذا الكون، وما رافقها من تناثر في أجزائه في كل الاتجاهات، وبالتالي توسع دائم في الكون إلى أجل مسمى. هذا ما أخبرنا به العلم حديثاً، لكن القرآن الكريم كان سباقاً إلى كل هذا، حيث ورد الخبر وحياً في كثير من الآيات الكريمات نذكر منها على الخصوص: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما). الأنبياء (30)
(والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون). الذاريات (47)
(ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها). النازعات (27 ـ 28).
كما أشار الحق ـ تبارك وتعالى ـ إلى موضع كيفية تشييد السماء في قوله: (أفلم ينظرا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج). ق (5). فهذه الآية الكريمة لها طابع إعجازي علمي قوي، حيث تؤكد وتكمل ما جاء من إعجاز علمي في الآيات السالفة الذكر، وتوحي بأن السماء (هذا المخلوق الذي من فوقنا) قد بنيت وزينت واتسعت وكبرت بدون أن يكون لها فروج. وكل شيء قد تطور في أجل مسمى إلى ما هو مكتوب له، وأنجز من داخلها بقدر وتقدير من رب العالمين. فلا تشقق ولا ثقوب ـ مع ذلك الإحكام والاتساع ـ في هذه السماء أو تخرج منها، بل هناك فقط ما ينزل منها وما يعرج فيها مصداقاً لقوله تعالى: (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها) الحديد (4).
(وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتنا معرضون). الأنبياء (32). ربما العلم ما زال لم يتأكد بعد من هذه التنبؤات العظيمة التي جاء بها القرآن الكريم، فالإنسان بكل ما أوتي من علم وتكنولوجيا لم يصل بعد إلى الحد الأخير من الكون (3). فهو ما زال يبحث ويكتشف كل يوم أموراً أخرى كونية كانت بالأمس غائبة عنه، وينجز قياسات وتجارب، ويجمع معلومات على معلومات، وهي على قيد الدراسة والتحليل. وإن وصل ذات يوم، فسيكون القرآن الكريم مرة أخرى، قد سبق العلم والعلماء (أي الإنسان) في مجال جد جد حساس يتطلب علماً وتكنولوجيا جد جد متطورة، وتنبأ ـ منذ خمسة عشرة قرناً ـ بمعلومات وحقائق لم تكن معروفة للإنسان في ذلك الوقت.
الإشارة الإعجازية الثانية: أبواب من السماء
لقد وضحنا أن السماء (كل السماوات والأرض) نظام مغلق على نفسه فيه من العوالم ما لا يعلمه إلا الله تعالى (Systeme Ferme)، بل لها فروع للتعامل بين أقطارها أو مع بيئة خارجية (إن كانت)، بل لها أبواب محكمة قدر لها قدرها في علم الله الواسع، تفتح وتغلق ـ لمن شاء رب العالمين ـ فهذه أبواب من السماء للأشعة الشمسية وهذه للمطر، وتلك أبواب في عالم الغيب لأهل الجنة والملائكة، وهي أبواب لا يعلمها إلى الله ـ عز وجل ـ وصدق قوله تعالى: (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون). الحجر (14 ـ 15).
(إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط). الأعراف (39).
(ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر). القمر (11).
(يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا * وفتحت السماء فكانت أبوابا) النبأ (18 ـ 19).
الإشارة الإعجازية الثالثة: في السماء رزق الإنسان
يقول الله عز وجل: (وفي السماء رزقكم). الذاريات (22).
لقد بنيت هذه السماء، وسخرها الله ـ عز وجل ـ للإنسان. فهي تمطر ماء وتسقط ثلجاً. ومع تطور العلم والتكنولوجيا استخدمها الإنسان في عصرنا هذا لبناء المكوكات الفضائية وفي الاتصالات اللاسلكية عبر محطات أرضية وأقمار اصطناعية، وأسهمت بقسط كبير المحطات الفضائية والهواتف النقالة ومجالات أخرى مدنية وعسكرية للاتصال والمراقبة والرصد في ذلك. وفعلاً أصبح الفضاء مصدراً تجارياً متميزاً، تتقوى به الدول والأمم وتهيمن به على الآخرين.
وخلاصة القول:
لقد خلق الله ـ عز وجل ـ الإنسان وكرمه وفضله بالعقل على سائر المخلوقات، وجعله خليفته في أرضه، وأمره ونهاه، فأمره بأول آية قرآنية أنزلها على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بطلب العلم والمعرفة، وكشف له ـ جزءاً ضئيلاً من علمه الواسع ـ ما كان محتاجاً له ومحجوباً عنه، وأنزل القرآن بالحق تبياناً لكل شيء، وهدى، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأنبأه فيه بشيء من الغيب في الآفاق وفي الأنفس ليرى الناس سبق القرآن للحقائق العلمية التي لم تكتشف إلا في العصور الحاضرة. اقرأ قوله ـ تبارك وتعالى ـ: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). فصلت (53).