اللبن.. بين القيمة الغذائية والتركيب الكيميائي | العدد الثالث عشر
اللبن.. بين القيمة الغذائية والتركيب الكيميائي
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



اللبن.. بين القيمة الغذائية والتركيب الكيميائي

يشمل هذا الموضوع على بحثين منفصلين مقدمين للمؤتمر الأول للإعجاز العلمي المنعقد في باكستان، أحدهما بعنوان: (الإعجاز العلمي في قيمة اللبن الغذائية) للدكتور/ علي أحمد علي الشحات.
والبحث الثاني بعنوان: (إعجاز القرآن في التركيب الكيميائي للّبن). قدمه كل من الدكتور/ أحمد محمد الوصيف ـ أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة المنصورة، والدكتور/ صادق شايف نعمان ـ أستاذ الشريعة والقانون بجامعة صنعاء.
البحث الأول: الإعجاز العلمي في قيمة اللبن الغذائية
للدكتور/ علي أحمد علي الشحات
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من أطعمه الله طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرًا منه، ومن سقاه لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن)(1)، ولقد جاء في الصحيح عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن جبريل ـ عليه السلام ـ جاء بإناء من خمر وإناء من لبن، فاختار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إناء اللبن، فقال له جبريل: اخترت الفطرة، أما إنك لو اخترت الخمر غَوَت أُمّتك(2).
من ذلك نرى أن جبريل ـ عليه السلام - عرض الإناءين على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختار الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللبن وأعرض عن الخمر، فقال له جبريل - عليه السلام: اخترت الفطرة التي فطر الله الناس عليها. ولقد شاء المولى - جل شأنه - أن يتغذى الرضع الصغار باللبن قبل إعطائهم أي غذاء آخر، وهذا يدل على أن اللبن ذو قيمة غذائية مرتفعة، ويفي بالاحتياجات الغذائية في شكل ملائم ونسب متّزنة، وأقرب إلى الكمال من أي غذاء آخر. والحقيقة أن اللبن أكمل الأغذية من الناحية البيولوجية، رغم أنه ينقصه قليل من العناصر الغذائية، ولكن رغم ذلك يعد أفضل من أي غذاء منفرد وحيد، ولا توجد أي مادة غذائية أخرى يمكن أن تقارن مع اللبن من حيث قيمته الغذائية المرتفعة؛ وذلك لاحتوائه على المواد الغذائية الأساسية الضرورية؛ التي لا يستغني عنها جسم الإنسان في جميع مراحل نموه وتطوره. فاللبن يُعَدّ من أحسن الأغذية للأطفال والناشئين، والبالغين والمسنّين على السواء، فعلاوة على أنه ينفع الصغار في حياتهم المقبلة ويكسبهم مناعة ضد كثير من الأمراض؛ فإنه أيضًا يفيد الكبار كثيرًا لقيمته الغذائية المرتفعة. ويعد اللبن ومنتجاته من المواد الغذائية الضرورية المهمة للإنسان في معظم بلاد العالم، فحيث يستعمل سكان خط الاستواء في الجنوب ألبان الماعز والإبل في غذائهم؛ نجد أن لبن الغزلان يستعمله سكان الإسكيمو في الشمال، ولبن الخيول يستعمل في آسيا، ولبن الجاموس يشربه سكان أفريقيا، وشبه القارة الهندية، ولكن يلاحظ أن الاستعمال إنما هو الشائع لألبان البقر والغنم في معظم بلاد العالم.
ومع أن ألبان الأنواع المختلفة تحتوي على نفس العناصر، ولكن تختلف في نسبها وخواصّها.
القيمة الغذائية للّبن:
أصبح من المعروف حاليٌّا في علوم التغذية أن هناك مواد غذائية أساسية للصحة الجيدة والقوة والنشاط والحيوية لا يستغني عنها الإنسان في جميع أطوار حياته وهذه المواد هي:
البروتينات: ومن أهم فوائدها: بناء العضلات والأنسجة الجديدة.
الكربوهيدرات: مثل النشويات، السكريات، وهي التي تمد الجسم بالحرارة والنشاط.
الدهون: التي تختزن في الأنسجة الحية، وتمد الجسم أيضًا بالحرارة.
المعادن: وهي عناصر مهمة لتكوين العظام والأسنان، ولأداء وظائف الجسم الحيوية بانتظام
الفيتامينات: وهي مواد مهمة للحياة والنمو والوقاية من كثير من الأمراض،و أيضًا هي مركبات تسمح بتمثيل مواد الغذاء الأخرى.
الماء: الذي يعمل كمذيب وحامل للمواد الغذائية بالجسم.
العناصر والمركبات الغذائية الحيوية المهمة للّبن:
يمد اللبن جسم الإنسان بمجموعة كبيرة جدٌّا من هذه العناصر والمركبات الغذائية الحيوية المهمة، ويمكن إيجاز ذلك في النقاط التالية:
1 ـ يعد اللبن موردًا مُهِمٌّا وجيدًا للبروتينات ذات القيمة الغذائية المرتفعة، وتمــــد بروتينات اللبن جســـم الإنســــان بالأحماض الأمينية الأساسية ــ بمقادير وتركيزات مرتفعة ــ ذلك بالإضافة إلى أنه قد ثبت أن بروتينات اللبن غنية بالفوسفور الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية وبالتالي يستفيد الجسم من الكالسيوم، هذا علاوة على أن اللبن ذاته غني أيضًا بالكالسيوم، لذا فإن الأطفال والبالغين الذين يتناولون اللبن في غذائهم لا تظهر عليهم أعراض أمراض لين العظام والكساح أوضعف تكون الأسنان.
2 ـ توجد الأحماض الدهنية في اللبن بنسبة دقيقة جدٌّا بحيث يسهل هضمها وتمثيلها في الجسم، ويحتوي دهن اللبن على كثير من المواد الحيوية المهمة مثل: الأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات الذائبة في دهن اللبن، والمركبات الدهنية الفوسفاتية. كذلك تعتبر النسبة بين الدهن والسكر في اللبن مهمة جدٌّا؛ إذ إنها تنشط نمو البكتريا النافعة بالأمعاء.
3 ـ يقتصر وجود اللاكتوز على اللبن فقط، ويمتاز سكر اللبن (اللاكتوز) عن غيره من الكربوهيدرات الأخرى بقدرته على التخمر الذي يعد ذا أهمية نافعة في التغذية، كما أنه يؤثر على غشاء المعدة المخاطي نظرًا لقلة ذوبانه.
كذلك فإن احتواء سكر اللبن على سكر الجالاكتوز يزيد من أهميته، إذ يعتبر هذا السكر أساس تكوين الجالاكتوز في أغشية المخ والخلايا العصبية. أيضًا ينفرد سكر اللبن بقدرته على تنشيط نمو أنواع مفيدة من بكتريا حمض اللاكتيك، والتي يمكن أن تحل محل بعض البكتريا التعفنية في القناة الهضمية. كما يساعد الحامض المتكون ــ نتيجة نشاط الميكروبات النافعة ــ على تمثيل وامتصاص الكالسيوم وبعض المعادن الأخرى.
4 ـ يعد اللبن مصدرًا مُهِمٌّا لكثير من الفيتامينات. وهي مواد تساعد على الاستفادة من الغذاء والوقاية من الأمراض. وتوجد بعض فيتامينات اللبن ذائبة في الدهن، وهي فيتامينات أ، د، هـ، ك، والبعض الآخر ذائبًا في ماء اللبن: وهي فيتامينات ب1، ب2، ج، وكذلك الكولين.
5 ـ يكوّن الماء ما يقرب من (85 ـ 90) من ألبان الثدييات المختلفة، وبعض مكونات اللبن إما ذائبة في الماء، مثل بعض الفيتامينات والأنزيمات واللاكتوز، أو على صورة معلّقة بالماء مثل حبيبات الدهن أو جزيئات الكيزين.
والماء له دور مهم وحيوي في حياة الإنسان حيث إن له وظائفه الفسيولوجية في الجسم الإنساني، فهو على سبيل المثال يكون حوالي (85 ـ 92) من دم الثدييات المختلفة، كما أن الكثير من أنسجة الجسم تحتوي على الماء،و أيضًا فإنه ينظم درجة حرارة الجسم، كذلك فالماء هو الوسط المناسب لانتشار وتأيّن العناصر المختلفة بالجسم، كما أنه الوسط المناسب للتفاعلات المختلفة وعمليات الهضم والهدم والبناء التي تحدث في الجسم.
6 ـ يعتبر اللبن مصدرًا مُهِمٌّا من مصادر فيتامين (أ) الذي يعد مُهِمٌّا جدٌّا في حياة الإنسان، حيث يوجد هذا الفيتامين بنسبة كبيرة في اللبن، ذلك بالإضافة إلى مادة الكاروتين التي تتحول إلى فيتامين (أ) في الجسم بواسطة الأكسدة.
ومن أهم فوائد فيتامين (أ) أنه ضروري جدٌّا للنمو، ولقد أثبتت التجارب الحديثة التي أجريت على الفئران أن نقص هذا الفيتامين يسبب وقف نموها ثم موتها.
كذلك فإن فيتامين (أ) مهم جدٌّا في عملية الإبصار، ويعرف هذا الفيتامين باسم الفيتامين المضاد (للرمد الجاف) إذ إن نقص هذا الفيتامين في الغذاء يسبب المرض بهذا النوع من الرمد، كما أنه يسبب أيضًا مرض العشى الليلي. ومن فوائد فيتامين (أ) أيضًا أنه يكسب جسم الإنسان المناعة من الإصابة بعدوى بعض الأمراض، كما أن له تأثيرًا مُهِمٌّا في عمليات تكوين العظام والغضاريف، كذلك فإن نقص فيتامين (أ) يؤثر على الخصوبة والتكاثر والتوالد.
7 ـ يحتوي اللبن على نسبة لا بأس بها من فيتامين (د) وهذا الفيتامين يساعد على ترسب الكالسيوم والفوسفور في الجسم، أي أنه يساعد على نمو العظام، كذلك فهو مانع للكساح، لذلك يسمى فيتامين (د): المضاد للكساح. كذلك يحتوي اللبن على مادة الكوليسترول، التي بتعرضها لأشعة الشمس أو الأشعة فوق البنفسجية تتحول إلى فيتامين (د). وقد وجد أن قوة اللبن من هذا الفيتامين تزيد (20) ضعفًا إذا عومل بالأشعة فوق البنفسجية، وهذه الطريقة مستعملة في بعض الدول الأوربية والأمريكية، وذلك لأنها تزيد نسبة وكمية فيتامين (د) في اللبن، وفي الوقت ذاته تقتل الميكروبات وتعقم اللبن.
8 ـ يعد اللبن غنيٌّا بفيتامين (ب2) أو الريبوفلافين. ويؤدي نقص فيتامين (ب2) إلى ظهور مرض البلاجرا، لذا يسمى هذا الفيتامين بالمانع لمرض البلاجرا.
9 ـ يوجد الكولين في اللبن بوفرة، والكولين هو العامل المانع لتراكم الدهن حول الكبد، والكولين يكون جزءًا من الليسيثين الموجود في دهن اللبن، ويعد الليسيثين من الفوسفوليبيدات المهمة في تكوين الخلايا، والكولين عامل مهم في تمثيل الدهون واستخدامها في الجسم، لذلك يؤدي نقص الكولين إلى بطء النمو وتراكم الدهن حول الكبد وخلل في عمليات تمثيل الدهون في الجسم.
10 ـ يعد اللبن أحد المصادر الطبيعية الأساسية الغنية بالكالسيوم والفوسفور، وهما من الأملاح المعدنية الضرورية لجسم الإنسان، إذ أن هذه المعادن تدخل في تكوين الهيكل العظمي وتركيب الأسنان وتنظيم الضغط الأسموزي، وتساعد على تنشيط الأنزيمات. ومن المعادن الأخرى التي توجد في اللبن ـ كذلك ـ بنسب لا بأس بها: الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكبريت، ولكن يعد اللبن فقيرًا في عنصر الحديد، ويمكن تعويض ذلك بتعاطي أغذية غنية بهذا المعدن مثل البيض والخضراوات والفاكهة. ويوجد في اللبن أيضاً نسب ضئيلة من الروبيديوم والليثيوم. والباريوم والمنجنيز والاسترانثيوم والألومنيوم والفلور والنحاس واليود والزنك والكوبلت.
11 ـ يحتوي اللبن على كثير من الأنزيمات التي تساعد على هضم الطعام وامتصاصه.
هذا هو اللبن الذي أخرجه المولى ـ جل شأنه ـ بقدرته العظيمة من بين فرث ودم (لبنا) خالصًا سائغًا للشاربين، يجزئ الأصحاء ويكفيهم، ويقوي المرضى ويشفيهم وصدق الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذ يقول: (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ) النحل: 66.
وجه الإعجاز:
وهكذا يتجلى لنا بوضوح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أشار إلى قيمة اللبن الغذائية المتميزة في زمن لم يكن يدرك الناس وقتئذ تركيب اللبن وما يحتوي عليه من عناصر ومركبات الغذاء الحيوية المهمة التي لا تجتمع في شراب غيره. ثم لمّا تقدم العلم وتوفرت الأجهزة توصل العلماء والباحثون إلى اكتشاف هذه المواد الغذائية التي يحتوي عليها اللبن من البروتينات والكربوهيدرات، والسكريات، والدهون، والمعادن والفيتامينات، وغير ذلك.
فمن أخبر محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الحقائق في وقت كان يستحيل فيه على الإنسان أن يتوصل إلى ما توصل إليه اليوم؟، حيث إنه بعد رحلة شاقة من الدراسة والبحث وصل من خلالها إلى نتائج تتوافق مع ما أخبر به النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يدل دلالة قاطعة على أن محمدًا رسول الله، وأن ما أخبر به وذكره إنما هو بتعليم الله له: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) النجم: 3، 4.
المراجع العربية والأجنبية:
1 ـ الشحات: د. علي أحمد، اللبن وقيمته الغذائية ـ المكتبة الثقافية ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ مصر.
2. Davidsen,Sir StanleyChurchill and dietetics. Human natural Livingstone,Edinbuurgh (1972)2
3. Elshahat,A.A. Shams University, production.
Milk Thesis,Ain Fac. Of Agric. Cairo, Egypt.
Study on some Facors Affecting (1970).
4. Hutchinson,R. and Moncrieff Food and principles of nutrition,Edward Arnolds.(1980)
5. Pyke, Man and Food World University Library.
البحث الثاني: إعجاز القرآن في التركيب الكيميائي للّبن
د. أحمد الوصيف و د.صادق نعمان
عرف الإنسان اللبن واتخذه غذاء له منذ القدم. إلا أن التركيب الكيميائي الكامل للّبن لم يعرف إلا منذ قرابة مائة سنة فقط. ومع تقدم التقنية الكيميائية أصبح التركيب الكيميائي لأنواع مختلفة من اللبن معروفًا، وأمكن تحديد مكوناته الدقيقة وكمياتها. وقد أصبح من المعروف أيضًا أن تركيز مكونات اللبن يتأثر بعوامل الغذاء والبيئة ونوع الحيوان الحلوب.
واللبن قد يكون الطعام الأكثر كمالاً من الناحية الغذائية إذا ما قورن بغيره من الأغذية الطبيعية. وهذه الميزة مهمة لأن اللبن هو الغذاء الوحيد الذي يتناوله الأطفال الرضع خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة.
واللبن الكامل يحتوي على فيتامينات ومعادن وبروتينات ودهون.
وإن أهم عنصرين يفتقر إليهما اللبن بنسبة كبيرة هما الحديد وفيتامين (ج)، واللبن عبارة عن مستحلب من الدهون، وشتاتة غروية من البروتينات، إلى جانب سكر اللبن الذي يوجد في محلول حقيقي.
وتوجد هذه المكونات الرئيسة مع مركبات عضوية مختلفة مثل حامض الستريك وبعض المركبات النيتروجينية. وكما تقدم فإن اللون المعتم الذي يمتاز به اللبن يرجع أساسًا لمحتواه من البروتينات وأملاح الكالسيوم(1).
وقد أشار القرآن الكريم إلى إنتاج اللبن حيث قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ)النحل: 66.
ومدلول الآية يمكن أن يتسع ليشمل إنتاج اللبن عند كل الثدييات.
وتطلق كلمة (فرث) على ما في الكرش والأمعاء(2)، كما تستعمل بمعنى الأمعاء وخاصة الأجزاء التي تمتص منتجات هضم الطعام.
ويتناول هذا البحث ما توصل إليه العلم الحديث من مكتشفات فيما يتصل بمنشأ اللبن الذي يتكون في الغدد الثديية.
الأعضاء التي تنتج اللبن:
يعتبر الضرع أو (ثدي الأنثى) من الناحية العلمية غدة كبيرة ذات إفراز خارجي، وهي ساكنة إلى حد كبير، ويتألف الضرع من ثمانية عشر قِسْمًا (فصيصات أو أنظمة) لإنتاج اللبن مدفونة في الدهن والأنسجــة الضامة، وتكثر فيها الأوعية الدموية والقنوات اللمفاوية والأعصاب.

الجدول (1)

النسبة المئوية لتركيب الألبان

الأنواع

إجمالي المواد الصلبة

دهن

بروتين كازين

مصل اللبن

سكر اللبن

رماد

الإنسان

12.4

3.8

0.4

0.6

7

0.2

الحمير

8.5

0.6

0.7

0.7

6.1

0.4

الخيول

11.2

1.9

1.3

1.2

6.2

0.5

الإبل

13.6

4.5

2.7

0.9

5.0

0.7

الغزلان

33.1

16.9

11.5

11.5

2.8


الأبقار

12.7

3.7

2.8

0.6

4.8

0.7

الجاموس

17.2

7.4

3.6

3.6

5.5

0.8

الماعز

13.2

4.5

2.5

0.4

4.1

0.8

الخراف

19.3

7.4

4.6

0.9

4.8

1.0

انظر رقم (3) في قائمة المراجع

 


وكل فصيص يتكون من آلاف من الأسناخ الكيسية التي تفرز اللبن والمحاطة بخلايا الظهارة العضلية والتي تصب في القنيات ثم القنوات ثم الجيوب المنتجة للبن التي تنتهي في إحدى مسامات الحلمة لتصب داخل الحلمة في هالة الثدي الشكل (1) أ، ب. وخلافًا للحيوانات الحلوب كالبقر والمعز فإن المرأة ليس لها تجاويف لبنية في نهاية القنوات، ولا يوجد إلا كمية ضئيلة من اللبن في الجيوب المنتجة له، ولذلك فإنه لا بد من حدوث فعل انعكاسي مناسب لإنزال اللبن كي يحصل الطفل الرضيع على كمية كافية منه عند الرضاعة، ويتضمن الشكل (2) رسمًا يوضح الفعل الانعكاسي لإنزال اللبن وتأثير بعض الهرمونات على ذلك.
والغدد الثديية هي التي تنتج اللبن، ولكن الكثير من مكوناته يأتي من أنسجة أخرى من الجسم وخاصة الدم والأمعاء، كما تنص على ذلك الآية الكريمة السابقة.
التركيب الكيميائي للّبن:
يتضمن الجدول (1) موجزًا لتركيب لبن عدد من الحيوانات الثديية، أما الجدول (2) فيتضمن موجزًا للتركيب الكيميائي المفصل لكل من اللبن البشري والبقري.
أ ـ الـمـاء:
تستخلص الغدد الثديية ماء اللبن كله من الدم(1). والماء بطبيعة الحال هو المادة المذيبة والذي تذوب جميع مكونات اللبن فيه.

 

الجدول (2)

التركيب التقريبي لكل من اللبن البشري ولبن الأبقار

التركيب

اللبن البشري

اللبن البقري

ماء (مليلتر/100مليلتر)

87.1

87.2

طاقة (كيلو كالوري/100مليلتر)

75.0

66.0

إجمالي المواد الصلبة (غم/100مليلتر)

12.9

12.8

بروتين (غم/100مليلتر)

1.1

3.5

دهن (غم/100مليلتر)

4.5

3.7

سكر اللبن (غم/100مليلتر)

6.8

4.9

رماد (غم/100مليلتر)

0.2

0.7

البروتينات (النسبة المئوية لإجمالي البروتينات)

كازين

40.0

82.0

بروتينات مصل اللبن

60.0

18.0

النيتروجين الخالي من البروتين (مليغرام/100مليلتر)



النسبة المئوية لإجمالي النيتروجين

15.0

6.0

الأحماض الأمينية الأساسية (مليغرام/100 مليلتر)

هيستيدين

22.0

95.0

إيسوليوسين

68.0

228.0

ليوسين

100.0

350.0

ليسين

73.0

277.0

مسثيونين

25.0

88.0

فينيلانين

48.0

172.0

ثريونين

50.0

164.0

تريبتوفان

18.0

49.0

فالين

70.0

245.0

الأحماض الأمينية غير الأساسية

أرجينين

45.0

129.0

ألانين

35.0

745.0

الحامض الاسبارتيكي

116.0

166.0

سيستين

22.0

32.0

حامض الغلوثامي

23.0

680.0

غليسين

0.0

11.0

برولين

80.0

250.0

سيرين

69.0

160.0

تيروسين

61.0

179.0

المعادن الرئيسة في اللتر الواحد

كالسيوم (مليغرام)

340.0

1160.0

فوسفور (مليغرام)

140.0

920.0

صوديوم

7.0

22.0

بوتاسيوم

13.0

35.0

كلورايد

11.0

29.0

مغنزيوم (مليغرام)

40.0

120.0

سلفر (مليغرام)

140.0

300.0

معادن توجد بكميات قليلة جدٌّا في اللتر الواحد

كروم (ميكروغرام)

ـ

8 ـ 13

منغنيز (ميكروغرام)

7.0 ـ 15

20 ـ 40

نحاس (ميكروغرام)

400

300

زنك (مليغرام)

3 ـ 5

3 ـ 5

أيودين (ميكروغرام)

30

10 ـ 200

سيلينيوم (ميكروغرام)

13 ـ 50

5 ـ 50

حديد (مليغرام)

0.5

0.5

الفيتامينات في اللتر الواحد



فيتامين أ (وحدة دولية)

1898

1025 ـ 1690

فيتامين (م.غ)

160

440

ريبوفلافين (م.غ)

360

1750

نياسين (م.غ)

1470

940

بيريدوكسين (م.غ)

100

640

بانتوثينيت (م.غ)

1.84

3.46

فولاسين (م.غ)

0.3

4

فيتامين ج مليغرام

43

11 ـ 21

فيتامين د (وحدة دولية)

22

14 ـ 3

فيتامين هـ مليغرام

1.8

0.4

فيتامين ك (م.غ)

15

60

انظر رقم (4) في قائمة المراجع

ب ـ السـكـريات:
تتكـون المواد الكربوهيدراتية الموجــودة في اللبن في معظمها من سكر اللبن (اللاكتوز). وهناك أيضًا كميات ضئيلة من سكريات أخرى تشمل سكر الجالاكتوز (Galctose) والفركتوز (Fructose) وعددًا كبيرًا من المواد الكربوهيدراتية التي تحتوي على النيتروجين مثل (Acetylglucosamine)، والحامض اللعابي (N-Acetylneuraminic acid) وعامل انشـقاقي (Bifidusfactor)(1). ويعتبر سكر اللبن من السكريات الثنائية، وهو يتكون من وحدة من سكر العنب (الجلوكوز) وأخرى من الجلاكتوز مرتبطين برباط مقلوب، ويتكون سكر اللبن في غدة الثدي من الجلوكوز المستمد من الدم.
ومع أن كلاٌّ من وحدتي سكر اللبن (الجلاكتوز والجلوكوز) تستمد أساسًا من الجلوكوز الموجود في الدم، إلا أن كمية سكر اللبن لا تتغير كثيرًا إذا ما طرأ أي تغير على غذاء الأم أو على مستوى سكر الدم.
ونظرًا لافتقار الدم إلى الأنزيم المحلل لسكر اللبن فإن هذا السكر الثنائي لا يمكن أن يتجزأ إلى جلاكتوز وجلوكوز عندما يوجد في الدم.
وفي عام 1386 هـ ـ 1966م اكتشفت ستة أنواع جديدة من السكريات المعقدة في لبن الثدي(2). ومن جهة أخرى فإن جلوكوز الدم ـ الذي هو مصدر سكر اللبن ـ هو في الأساس من محتويات الأمعاء قبل أن يتم امتصاصه؛ لذا فإن سكر اللبن مشتق من الفرث والدم.

الجدول (3)

بروتينات اللبن البقري وبعض خواصها

التسمية القديمة

التسمية المعاصرة

النسبة%التقريبية

الوزن الجزيئي



لبروتين اللبن المقشود


كازين

ألفا ـ كازين

45 ـ 55

23.000

كازين

كي ـ كازين

8 ـ 15

19.000

كازين

بيتا ـ كازين

25 ـ 35

24.100

كازين

جاما ـ كازين

3.7

30.650

لاكتالبومين قابل للذوبان في محلول نصف مشبع من سلفات الأمنيوم

الفا ـ لاكتوغلوبلين

بيتا لاكتوغلوبلين

2 ـ 5

7.12

14.437

36.000

ألبومين مصل الدم

ألبومين مصل الدم

0.7 ـ 13

69.000

لاكتوغلوبلم (غير  قابل للذوبان في محلول نصف مشبع من سلفات الأمنيوم)

أميونوغلوبلمز IGg



IgG1

1.0 ـ 2.0

150.000

IgG2

=0,2 ـ 0,5

- 170.000


أمينوغلوبلين IgM

=0.1 ـ..5

900.000

1.000.000


أمينوغلوبين IgA

0.5 -..10

300.000

1.000.000

ببتون بروتيوز

جزء من ببتون البروتيوز

2 - 6

4.100 - 200.000

انظر رقم (7) من قائمة المراجع

 


جـ - البروتينات:
توجد عدة أنواع من البروتينات في اللبن يتراوح وزنها الجزيئي بين 4100 و000،000،1 ويتضمن الجدول (3) بعض خواص هذه البروتينات:
الكازائين (2.5%) من اللبن (هو البروتين الذي يترسب بفعل تحمض اللبن المقشود (Skim milk) إلى درجة (4.6)، وما يتبقى من البروتينات في المصل بعد نزع الكازائين يسمى بروتينات مصل اللبن، ويقدر بحوالي (0.6%) من اللبن يترسب بعضه بالحرارة.
ويتكون الكازائين في الخلايا الإفرازية للغدة الثديية ـ في حالة عالية التجمع ـ مكونًا حبيبات كروية نوعًا ما يقدر قطرها في لبن البقر بين (0.03 و0.3) مايكرومتر (1 مايكروميتر = 10ـ 6م).
ويوجد داخل حبيبة الكازائين فجوات أو قنوات يمكنها استيعاب جزيئات كبيرة نسبيًا (لا يقل وزنها الجزيئي عن 36.000).
وتنتظم كل الجزيئات داخل الحبيبة بشكل مرتب يتجدد على أساسه الكثير من خواص اللبن.
وتوافر بعض الهرمونات ضروري لتكوين (ألبومين اللبن)، ومن هذه الهرمونات:
الأنسولين، والكورتيزون، والأستروجين، وهرمون البرولاكتين، وهذا الأخير يقل إفرازه بفعل هرمون البروجيسترون.
وبما أن تركيز البروجيسترون يقل في نهاية فترة الحمل في غدة الثدي فإن تكوين (ألبومين اللبن) يكون في ذروته.
أما البيتالكتوجلوبين فإنه لا يحتوي إلا على الأحماض الأمينية. وهو على عكس الكازائين يحتوي على كميات كبيرة من الكبريت على شكل مخلفات السستاين التي تعطي الرائحة المميزة عندما يسخن اللبن.
وتتشابه غلوبيولينات المناعة (Immnuglobulins) إلى حد كبير من حيث التركيب الكيميائي والخواص المادية. وهي تحتوي على الأجسام المضادة الخاصة باللبن التي تكثرفي اللبأ(1) (Colostrum) بشكل خاص، ووزنها النووي هو أعلى وزن لبروتينات اللبن.
وتستطيع غدة الثدي أن تنقل بروتينات المناعة والألبومين من الدم إلى اللبن دون أن تتعرض لأي تغير.
أما الكازائين وبيتالكتاجلوبين فإنهما يتكونان في غدة الثدي؛ التي هي المكان الوحيد لإفرازهما.
ومرة ثانية: فإن الأحماض الأمينية الضرورية التي تتكون منها هذه البروتينات لا بد أن تأتي من الغذاء، أو تتكون بواسطة البكتريا في الأمعاء، وتنتقل بواسطة الدم إلى غدة الثدي حيث يصنع منها الكازائين والبيتالكتوجلوبيلين.
أمـا الأحماض الأمينية غـير الـضرورية فإنها قد تتكون داخل أنــسـجة الجـسم ـ مثلما يحدث داخل غدة الثدي ـ ويمكن أن تستمد من الطعام أو البكتريا الموجودة في الأمعاء، ومن ثمَّ تنتقل إلى الثدي على شكل أحماض أمينية أو بروتينات البلازما. وقد تمت البرهنة على أن الخلات (Acetate) والجلوكوز يسهمان في تكوين الأحماض الأمينية.

 

الجدول (4)

أنزيمات اللبن الرئيسة وخواص مختارة

الأنزيم

الوظيفة

لحساسية للتعقيم

كثافة الهيدروجين المثلى

أهميته في اللبن

فوسفات  الألالين

يحلل استيرات الفوسفات بالماء

معطلة

9.8

يستخدم لتحديد مدى صلاحية العقم

فوسفاتاز  الفوسفو بروتين (سابقًا حامض الفوسفاتاز)

يحلل استيرات  الفوسفات بالماء

ثابتة

4.0

ليست له أهمية على ما يبدو

كاتلاز

يعمل على تحلل  بيروكسيد الهيدروجين إلى مواد أخرى

ذو حساسية  في الأغلب

7.0

الكمية في اللبن تطابق تقريبًا  عدد الكريات البيضاء

أوكسيداك  الزانثين

ينشط إضافة  الأوكسجين إلى مادة ما أو يزيل الهيدروجين منها

ثابتة

6.9

اللبن مصدر ممتاز

(استراز وليباز) أنزيمات استرية وخمائر شحمية

حلمهة صلة الاستير لا سيما بالأحماض الدهنية والغليسرول

معطلة

8.5

9.0

ينتج نكهة ورائحة زنخ

(بروتياز)  خمائر بروتينية

حلمهة صلات البروتينات بالبيتيد

ثابتة بصورة معتدلة

8.5

قليل الأهمية نسبيٌّا مقارنة بالخمائر البروتينية الميكروبية في اللبن المخزون ومنتجات اللبن

انظر رقم (8) من صفحة المراجع

وخلاصة القول: إن الأحماض الأمينية التي تدخل في تكوين بروتينيات اللبن تشتق إما من بروتينيات الدم أو تصنعها البكتريا في الأمعاء وبعض بروتينيات الدم، ولا سيما مصل الألبومين وبروتينيات المناعة (Immunoglobulins) حيث ترشح بواسطة غدة الثدي لتدخل في تكوين اللبن. وبعبارة أخرى، فإن الفرث والدم هما مصدر بروتينيات اللبن بما في ذلك الإنزيمات، الجدول (4).
ومن أنواع بروتينيات اللبن هناك عدد كبير من الإنزيمات التي يختلف نمطها اختلافًا تامٌّا باختلاف مصدر اللبن.
فالألدوليز(Aldolase) وخميرة الزانثين المؤكسدة (Xanthine - Oxidase) نجدهما، على سبيل المثال، في لبن الأبقار لا في اللبن البشري.
أما انزيمات الكاتاليز (Catalase) والبروكسيديز (Peroxidase) فنجدهما في اللبن الخام.
أما اللبن البشري الذي يكثر فيه انزيم الأميليز(Amylase) فإنه يحول معجون النشا بسرعة إلى سائل.
ويعمل انزيم (Lipase) في اللبن البشري واللبن البقري على الإطلاق البطيء للأحماض الدهنية الطليقة من دهن اللبن. ويتضمن الجدول (4) موجزًا لخصائص معظم أنزيمات الحليب البقري.
د ـ الدهـون:
يوجد دهن اللبن على شكل مستحلب طبيعي لأنه مركب من مادة دهنية تشمل: الدهون الفسفورية، والكاروتينات، وأحد مركبات الجليسيريد ـ ذو درجة انصهار عالية ـ والذي يكون غشاء حول تجمعات ثلاثي الجليسيريد ومركباته، يشبه مادة السكوالين (Squalen).
والحبيبات الدهنية المتكونة بهذه الطريقة تختلف في أحجامها لتتركب مع سكر اللبن والبروتينات في حالة غروانية في سائل حقيقي، ويمكن رؤية هذه الحبيبات بوضوح بالمجاهر العادية.
ويتكون دهن اللبن بصورة رئيسة من خليط ثلاثي الجليسيريد الذي تتم فيه أسترة الجليسيرول بالأحماض الدهنية التي تكون موزعة بصورة غير منتظمة على كربونات الجليسيرول.
وهناك حوالي (14) حامضًا دهنيٌّا مختلفًا في دهن اللبن، كما تم التعرف على (30) حامضًا دهنيٌّا آخر ولكن بكميات ضئيلة جدٌّا.
والجليسـيرول يصنع في غدة الثدي من سكر الدم، ومــن ثم يتحد مع الأحماض الدهنية. ويوضح الجدول (5) الأحماض الدهنية التي توجد في كل من اللبأ البشري واللبأ البقري (وهو اللبن الفج).
ويتم إنتاج الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة الكربونية في غدة الثدي من الخل (المستمد من سكر الدم) (Acetate) أو من بيتاهيدروكسيد بيوتيريت B - hydroxybutyrate، أو من سكر الدم مباشرة.
كما أن الخل الذي يتكون في الأمعاء من جراء عملية التخمر المعوي للسكريات ينتقل مع الدورة الدموية إلى غدة الثدي حيث يتم تكوين الأحماض الدهنية (القصيرة السلسلة الكربونية).
وتجدر الإشارة إلى أن الأحماض الدهنية (القصيرة السلسلة) لا توجد في اللبن البشري، وتنعدم أو توجد بنسبة ضئيلة في لبن الحيوانات الأخرى غير المجترة. أما ثلاثي الغليسيريد الذي ينتقل مع الدم فإنه يوفر على ما يبدو حامض البلمتيك (Palmitic acid) وحامض الأولييك (Oleic acid) اللذين يكثران في دهن اللبن. ويوفر ـ بالإضافة إلى ذلك ـ حوامض دهنية أخرى مشبعة وطويلة السلسلة من مجموعة الأحماض الأولييكية.
وعلى ما يبدو فإن ثلاثي الغليسيريد في الدم ينقسم، وتتم إعادة توزيع الأحماض الدهنية في ثلاثي الغليسيريد بواسطة غدة الثدي وذلك باستعمال الجليسيرول (Glycerol) الذي تنتجه هذه الغدة. (Linoleic and arachideonic acid) وبالنسبة للأحماض الدهنية (الطويلة السلسلة الكربونية) فإنها تشتق من دهن الغذاء مباشرة، ويحملها الدم إلى غدة الثدي على صورة إستيرات (esters) الكوليسترول، ويتكون الحامض الأراشيدوني (Arachidonic acid) في أنسجة الجسم من الحامض اللينوليكي (Linoleic) لأن هذه الأحماض تنتمي إلى نفس (المجموعة الاستقلابية).
أما أنسجة الجسم فهي غير قادرة على إنتاج هذه الأحماض الدهنية أو أحماض مجموعة الحامض اللينوليينية. وتعتبر الأحماض اللينولييكية والأرشيدونية واللينوليينية الدهنية ضرورية لاستقلاب الأنسجة لكونها من المستلزمات الغذائية.
وتقديم مستويات مرتفعة من هذه الأحماض الدهنية المتعددة وغير المشبعة (Polyunsaturated) إلى الأبقار الحلوب لا يؤدي إلى زيادة الكميات المفرزة منها في اللبن.
وتقوم الأمعـــاء بهدرجة الأحمــــاض الدهنيـــة غير المشـبعة بسرعة، أما غدة الثـدي فإنها لا تأخذ حامض اللينولييك من مجرى الدم بسرعة وسهولة. ومع أن الدهون الفسفورية توجد بكمية ضئيلة جدٌّا (0.2 ـ 1.0%) من مجموع دهون اللبن، إلا أنها تعتبر من المكونات المهمة لهذه الدهون، وتكون موزعة.
كما تظهر على هيئة مكونات لخلايا الجسم وهي تتكون من الأحماض الدهنية والحامض الفسفوري ومجموعات أخرى كالجليسيرول كولاين في الليسيثين، وكل من الإيثانولاميين (ethanolamine) والسيرين (Serine) في السيفالين) والسفنجوزين (Sphingosine) في السفينجميلين (Sphingomyelin).
أما الأحماض الدهنية ذات الوزن النووي المنخفض فلا توجد إلا بمقادير ضئيلة جدٌّا.
ومن الدهون المركبة الأخرى في اللبن: (السريبروسايد السفيزجوسين + الجلاكتوز + حامض دهني طويل السلسلة الكربونية والبلازمالوجين (Plasmalogens) جليسرول (Glycerol) + الديهيدز aldehydes + حوامض دهنية + حامض فسفوري + كولاين choline أو إثانولامين Ethanolamine
والبلازما لوجين المحايد لا يحتوي على الحامض الفسفوري ولا توجد الدهون الفسفورية منفردة بل تكون متحدة مع البروتينات في اللبن(1).
ومن الواضح إذن أن مكونات دهن اللبن (أي الجليسيرول والأحماض الدهنية) تؤخذ من كل من الدم والفرث (مباشـرة أو غير مباشرة، ويعتبر الجلوكوز وإيضاته (Setilobatem) مصدر الجليسيرول.
والأحماض الدهنية التي سلسلتها الكربونية 16 أو أكثر (مشبعة كانت أم غير مشبعة) تأتي من دهون الدم أو الأنسجة بعد تحللها (Hydrolysis) في غدة الثدي.
أما الأحماض الدهنية المستمدة من الأنسجة فتؤخذ من الفرث.
وهنا يتجلى التطابق بين ما أشارت إليه الآية الكريمة (66) من سورة النحل وبين الاكتشافات العلمية فيما يتعلق بدهون اللبن.
هـ ـ المعادن الرئيسة والثانوية:
يبين الجدول (2) ما يوجد في اللبن البشري واللبن البقري من المعادن الرئيسة (كالكالسيوم، والفسفور، والصوديوم، والبوتاسيوم كلورايد، والمغنيسيوم، والكبريت). والمعادن الثانوية (كالزنك، والنحاس، والمنغنيز، والكروم، واليود، والحديد، والسلينيوم)، أما الكالسيوم والفسفور فيستمدان من مخزون الجسم وخاصة من العظام(1).
وقد علمنا أن الفرث مصدر الكالسيوم والفسفور الموجودين في العظام، وأن فسفور بروتين اللبن (Casein p) يأتي من الدم كذلك(1).
وفضلاً عن ذلك فإن المعادن الأخرى والمعادن ذات التركيز الضئيل في اللبن تؤخذ مباشرة من الطعام والماء(2)، أي أنها تستمد من الفرث.
ومن الاكتشافات اللافتة للنظر أن وجود السكر في اللبن يسهل امتصاص الكالسيوم والفسفور في وجود فيتامين (د) (D) الذي هو أحد المكونات الطبيعية للحليب) (3).
و ـ الفيتامينات: باستثناء فيتامين (ب 12) فإن جميع الفيتامينات الأخرى توجد في اللبن، بعضها بنسب مرتفعة وبعضها الآخر بنسب ضئيلة.
وبعض هذه الفيتامينات تستمد من الطعام، وبعضها الآخر تنتجه البكتريا الموجودة في الأمعاء(4).
وبعبارة أخرى، فإن فيتامينات اللبن تستخلص جميعها من الفرث.
ز ـ المكونات الأخرى: يحتوي اللبن على عدد من المركبات العضوية مثل حامض الليمون (Citric acid) بكميات ضئيلة جدٌّا، ومصدره الأساسي عمليات استقلاب المواد السكرية.

الجدول (5)

الأحماض الدهنية في اللبن البشري والبقري

الحامض الدهني

إيثانولامين فوسفوغلاسيرايد

ثلاثي الغليسيريد

بشري

بقري

بشري

بقري

0:12

2.0

1.4

1.5

2.7

0:14

3.0

3.1

5.2

11.0

0:16

12.1

9.4

25.6

29.9

1:16

2.2

0.8

2.7

3.1

0:18

18.0

13.1

8.4

12.9

1:18

19.0

31.1

35.6

29.1

2:18 N-6(LINOLEIC)

10,0

11.0

8.7

2.1

3:18 N-3(LINOLEIC)

1.3

3.9

3.4

1.9

2:20

0.9

0.2

0.8

0.02

3:20

2.8

1.3

0.5

0.01

4:20 N-6(LINOLEIC)

12.4

5.9

2.2

0.2

5:20

0.3

3.8

0.1

0.3

4:22

2.1

0.1

1.3

0.03

5:22

3.2

4.9

0.6

0.45

6:22 N-3(docadexaenoic)

7.0

0.6

1.1

0.1

انظر رقم (9) من صفحة المراجع

انظر رقم (9) من صفحة المراجع
بيان وجه الإعجاز:
يتضح لنا مما تقدم أن معظم مكونات اللبن تأتي إما من الفرث، أو من الدم، أو من كليهما معًا. وتقوم غدة الثدي بتصنيع بعض المكونات الأخرى من مواد بسيطة سبق أن أخذت من الفرث، أو من الدم، أو منهما.
والنص القرآني يستخدم كلمة (خالصًا) بمعنى مصفى أو مختارًا أو نقيٌّا عند الإشارة إلى اللبن. وفعلاً تتم تصفية مكونات الفرث والدم لتصبح لبنًا نقيٌّا خاليًا من العناصر غير الضرورية.
ويتم اختيار واستخلاص هذه المكونات للّبن بشكل خاص.
وتدل كلمة (سائغًا) على طيب المذاق وحلاوته نظرًا لوجود اللاكتوز أي سكر اللبن.
ويحدثنا الإمام المفسر فخر الدين الرازي المتوفى في بداية القرن السابع الهجري سنة 606هـ عن سر تكوين اللبن ـ مسترشدًا بنور الآية الكريمة فلا يكاد يبتعد عما قرره علماء الكيمياء الحيوية في القرن العشرين ـ حيث يقول: وأما نحن فنقول: المراد من الآية هو أن اللبن إنما يتولد من بعض أجزاء الدم، والدم إنما يتولد من الأجزاء اللطيفة التي في الفرث ـ وهي الأشياء المأكولة الحاصلة في الكرش. وهذا اللبن متولد من الأجزاء التي كانت حاصلة فيما بين الفرث أولاً، ثم كانت حاصلة فيما بين الدم ثانيًا، فصفاها الله عن تلك الأجزاء الكثيفة الغليظة، وخلق فيها الصفات التي باعتبارها صارت لبنا موافقًا لبدن الطفل) (الفخر الرازي، ج 20، ص 65. وهكذا يتجلى ما ورد في القرآن الكريم وهو يعبر عن هذا الناموس الإلهي بعبارة قصيرة رقيقة تحيط به من جميع أطرافه (مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ ). فأي جديد أضافه العلم الحديث إلى هذه الإشارة الخفيفة السريعة التي تمثل قانونًا علميٌّا؟! اللهم إلا البرهنة على إثباته، مما يعتبر إعجازًا علميٌّا لا شك فيه.
المراجع:

ـ الرازي التفسير الكبير، ط3 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
ـ أ. ي. علي (1946م) القرآن الكريم نصوص وترجمة معانيه وتفسيره، منشورات رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر.
1 - Jelliffee, D.B. and Jelliffe, E.F.P. (1978). Human Milk in the Modern World. Psyuchosocial, Nutritional and Economic Significance. Oxford University Press.
2 - Campbell, J.R. and Mrshall, R.T. (1975). The Science of providing Milk for Man. McGraw - Hill Book Co. N.Y.
3 - Falconer, I.R. (ed.) (1971). Lactation. Butterworths, London.
4 - Fomon, S.J. (1974). Infant Nutrition. (2nd Ed.) W.B. Saunders, Philadelphia.
5 - Oser, B.L. (1979). Hawk’s Physiological Chemistry. 14th Ed., Tata McGraw - Hill publishing Co. Ltd., New Delhi.
6 - Grimmonon prez, L. (1966). C.R. Acad. Sci. (Paris) 2630, 1269.
7 - Rose, D. (1970). J. Dairy Sci. 53,1.
8 - Shahani, K.M., Harper, W.J., Jensen, R.G. Parry, R.M. and Zittle, C.A. (1973). Enzymes in Bovine Milk: A. Review, J. Dairy Sci., 56,531.
9 - Crawford, M.A., Hassam, A.G. and Hall, B.W. (1977). Nutr. Metab., 21 (Supplement 1), 187.
10 - Frieman, G. and Goldberg, S.J. (1975). Amer J. Clin. Nuitr. 28.42.
11 - Roberts, S.A., Cohen, M.D. and Forfar, J.O. (1973). Lancet iv, 809.
12 - Glade, B.E. and Buchanan, G.R. (1976). Pediatrics, 58, 548.
13 - Haartman, A.M. and Dryden, L.P. (1965). Vitamins in Milk and Milk Products, American Dairy Science Assn., Champaign, Illinois.