﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ | العدد الحادي عشر
﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ (النجم:49)
أ.د. مسلم شلتوت
أستاذ بحوث الشمس والفضاء - المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان


الشعرى هو نجم الشعرى اليمانية (سيروس) وهو النجم الوحيد الذي ورد اسمه صريحاً في القرآن الكريم بخلاف الشمس وهو واحد من أقرب وألمع النجوم إلينا.
وأثبتت الدراسات الفلكية بأن هذا النجم كان معروفاً في فترة العصر الحجري المتأخر لعديد من سكان الأرض وأنه كانت له قدسية خاصة عندهم.
فسكان نبته القدماء في المنطقة الواقعة في منتصف ما بين أبو سمبل وشرق العوينات في جنوب غرب مصر كانوا قد أقاموا صف من الأحجار على هيئة أعمدة على خط مستقيم للاتجاه الذي سيشرق منه نجم الشعرى يوم الانقلاب الصيفي وهو بداية الصيف وهبوط الرياح الموسمية الصيفية المحملة بالأمطار لتحيل الصحارى الجافة لمراعي خصبة يملؤها العشب والكلأ للبقر وتملئ الأحواض الجافة وتصير برك ومستنقعات ... كانت هذه المنطقة منطقة سافانا في عصر الهولوسين المطير ... وكان لبداية الصيف قدسيته وللشعرى قدسيته الكبرى في ذلك اليوم وغيره وذلك منذ 4800 عام قبل الميلاد.
ونظراً لأن الزراعة في مصر كانت معتمدة على الري من النيل فإن التنبؤ بميعاد فيضان النيل كان هو أهم ما يجب عمله اتقاء لشره إذا كان فيضاناً عارماً وذلك بترميم الجسور وتحسباً له إذا جاء الفيضان خفيفاً غير وافي؛ لأن ذلك معناه المجاعة بكل أبعادها المخيفة، ولقد لاحظ قدماء المصريين بأن بداية فيضان النيل مرتبطة بشروق الشمس من اتجاه النجم سيروس (الشعرى اليمانية) وهو مايسمى فلكياً بظاهرة الاحتراق الشروقي للنجم سيروس وكان هذا يحدث في صيف كل عام.
كان للنجم سيروس قداسته عند قدماء المصريين لارتباطه بفيضان النيل لذلك أسموه ''نجم إيزيس'' لارتباط دموع إيزيس زوجة أوزيريس بفيضان النيل عندما حزنت عليه بعد مقتله على أخيه ست حسب الأسطورة المصرية القديمة. وكان هذا النجم هو قرين للملكات في مصر القديمة في السماء لذلك فإن ما يسمى بفتحة التهوية في الهرم الأكبر الممتد من حجرة الملكة إلى اتجاه الجنوب ما هو إلا فتحة لكي تطل منها الملكة في مرقدها على قرينها في السماء سيروس عند مروره على دائرة الزوال، لذلك فإن هذه ليست فتحات تهوية بل هي مناظير مزوالية ثابتة متجهة لنجوم معينة في السماء حسب علم الفلك الحديث. ونظراً للمكانة الكبيرة لنجم الشعرى اليمانية (سيروس) وقدسيته عند الشعوب القديمة جاء قول الله تعالى ليؤكد (إنه هو رب الشعرى) ولا سجود لغيره ... سبحانه وتعالى الواحد الأحد ... لا شريك له في الملك ولا ند ولا ولد.