تسخير ما في الكون للإنسان على ضوء سورة النحل | العدد الرابع
تسخير ما في الكون للإنسان على ضوء سورة النحل
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



وأثر ذلك في توحيد الخالق عزل وجل (2)
زهرية محمد الفاداني الساعاتي
عرض أنيس نور

استكمالاً لما قدمناه في العدد الثالث من مجلة الإعجاز العلمي نواصل استعراض بقية رسالة الماجستير للباحثة زهرية محمد الفاداني الساعاتي بكلية التربية للبنات بمكة المكرمة: تناولت الباحثة الحديث عن كوكب الأرض وكيف أن الله سبحانه هيأها ليعيش الإنسان عليها، ووفر له سبل الراحة من التسخير والأمان

قال تعالى: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}،

فوفر الله فيها الماء والغذاء والأنعام، كما هيأ الله فيها كل الظروف التي تضمن استمرار الحياة في الأرض فجعلها سبحانه، جبالاً وهضاباً وودياناً، وجعل فيها بحاراً وأنهاراً.

ولقد كانت الأرض في بداية خلقها مضطربة مثل السفينة في عرض البحر فثبتها سبحانه وتعالى بالجبال الثقيلة فاستقرت، كما ورد في الآيات والأحاديث الشريفة.

وقد اكتشف العلماء أن كل قارة في الكرة الأرضية بها سلسلة من الجبال تحفظ توازن الأرض، وأن جذور الجبال منغرسة تحت الأرض بشكل نسبي قدره البعض بخمسين كيلومتراً، وقيل: مائة وخمسين كيلومتراًن وتختلف هذه النسبة حسب اختلاف ارتفاع الجبال فوق سطح الأرض،ولولا ذلك لاضطربت القشرة الأرضية وماتت بمن فوقها.

والجبال جعلها الله منابع أصلية للأنهار، ومنها ينحت الإنسان ما يسكن فيه، ويتخذها حصوناً وقلاعاً للتحرز من الأعداء. وفيها الظل الذي سخره الله ليستظل له الإنسان من شدة الحر والبرد، ولقد ثبت لدى العلماء: أن اختلاف ألوان الجبال يرجع إلى اختلاف العناصر التي تكونها من صخور ومعادن، فالبيضاء تتكون من الحجر الجيري، والحمراء يشارك في تكوينها الحديد والذهب وغيرها من المعادن، والجبال السوداء يشارك في تكوينها الفحم والمنجنيز، وفي ذلك آيات وعبر يدركها العلماء فتورث لديهم خشية الله،

قال تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النّاسِ وَالدّوَآبّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنّ اللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (فاطر:28،27).

هذا وقد ثبت للعلماء أن عمليات تكون اليخضور ينتج عنها المكونات الغذائية في النبات في صورة حبوب او ثمار.

قال تعالى: {وَهُوَ الّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مّتَرَاكِباً وَمِنَ النّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مّنْ أَعْنَابٍ وَالزّيْتُونَ وَالرّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوَاْ إِلِىَ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنّ فِي ذَلِكُمْ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(الأنعام99).

والماء عنصر مهم لا تستغني عنه الكائنات الحية، يستفيد منها الإنسان في الشرب والطهارة والطبخ والصناعة وغيرها.. ومنه تنبت الأشجار، وتزهو الثمار وتنمو، وعليه الاعتماد في كل شيء،

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ}( الأنبياء30).

وجسم الإنسان يحتوي على 70% من وزنه ماء لأن الماء يعمل على توصيل العناصر الغذائية إلى خلايا الجسم، وإفراز المواد الضارة، كما يعمل على تلطيف درجة حرارة الجسم عن طريق رشحه من مسام الجسم، ويعد الماء مكوناً أساسياً للدم، والماء أفضل مادة تروي ظمأ الإنسان، ولهذا تأتي المنة من الله في كون ماء المطر عذباً فراتاً، وليس ملحاً أجاجاً.

وقد توصل علماء الأرصاد إلى أنه لا يمكن أبداً إسقاط المطر من سحابة لا تحتوي على سمات السحابة القابلة للهطول، أو من سحابة لم تصل إلى درجة ملائمة من التطور أو النضج.

وماء المطر لا يتنزل إلا بقدر معلوم، إذ لو نزل بكمية كبيرة لغرقت الأرض ومن فيها من الأحياء ولو نزل بكمية قليلة جداً لهلكت الأحياء عطشاً

قال تعالى: {وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مّعْلُومٍ}( الحجر 21).

ومن المطر تتكون الينابيع والعيون/ ومنه تتكون الآبار الجوفية.

كما توصل العلماء إلى أن بتسليط أشعة الشمس على البحار والمحيطات الموجودة على سطح الكرة الأرضية يتبخر جزء منها، ويتصاعد إلى طبقات الجو العليا، فيجتمع ويتكاثف ويشكل سحباً، عندها تتدخل الرياح بأذن الله لتؤدي دورها في نقل السحب إلى مسافات بعيدة، وقد تختفي السحب دون أن تعطي مطراً، أو تلتقي مع سحب أكثر كثافة فتسقط الأمطار.

ومن الماء تتغذى سائر النباتات الزراعية وتنمو وتثمر، ولكنها تختلف في الأشكال والألوان والطعوم، ومع أن خصائصه واحدة، ومجراه واحد،

قال سبحانه: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىَ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَىَ بَعْضٍ فِي الاُكُلِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}( الرعد:4).

كما توصل العلماء إلى أن للماء أهمية في عملية التمثيل الضوئي للنبات، حيث يأخذ النبات الأخضر الماء، ثم يذوب ما فيه من أملاح وغيرها من التربة، وفي الوقت نفسه يأخذ ثاني أكسيد الكربون من جو الأرض إضافة إلى الأمونيا التي تنزل مع المطر مع وجود المادة الخضراء، وضوء الشمس.

زمن مظاهر التسخير وجود النباتات المختلفة ولكن على الرغم من أن الإنسان يحرث الأرض، ويضع البزور ويسقيها بالماء العذب، إلا أن إنبات النبات واستمرار حياته هو بإرادة الله وحده، فهو الزارع حقيقة

قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُم مّا تَحْرُثُونَ . أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ}( الواقعة: 64,63).

ومن هذه النباتات الزيتون الذي يميز بأنه غذاء وإدام ودواء، لما فيه من الدهون المفيدة ونسبة كبيرة من البروتين، واحتوائه على الأملاح الكلسية والحديدة والفسفورية، كما يحتوي على فيتامين (أ،ب،د)، وله أثار طيبة على الجهاز الهضمي والكبد، وملطف للجلد، ولأهميته شكلت دول العالم المنتجة مجلساً اسمه "المجلس الدولي للزيتون". ومن النباتات: النخيل وهي دائمة الخضرة وذات عمر طويل، وتنمو في المناطق الحارة والمعتدلة والجافة، وتتحمل الجفاف والملوحة، اكتشف العلماء أن ثماره تعد غذاء كاملاً للإنسان، وهي تحتوي على نسبة عالية من المواد الكربوهيدراتية والدهن والبروتين والماء والأملاح المعدنية والفيتامينات، مما يجعل ثمرة النخيل ذات قيمة غذائية كبيرة، وتزود الإنسان بما يحتاجه من الطاقة والقوة، لذا فهو مفيد للمرأة الحامل. وفي الحديث الذي رواه مسلم: "بيت لا تمر فيه جياع أهله" وكذلك ثمره أشجار العنب التي ينتفع بها الإنسان، لما تتمتع به من وجود مادة غذائية وعلاجية ، فهو لذيذ الطعم، مفيد للمرضى والأصحاء، ويتخذ شراباً لعلاج بعض الأمراض،

قال تعالى:{وَمِن ثَمَرَاتِ النّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}( النحل: 67)

وفي الحبة السوداء دواء لكثير من الأمراض المعروفة، ومن النبات ما يصنع منه الكساء والأثاث، والأخشاب لبناء المنازل، ومصدر مهم للوقود،

قال تعالى: {الّذِي جَعَلَ لَكُم مّنَ الشّجَرِ الأخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مّنْه تُوقِدُونَ}] يس:

80 [ومن النباتات: البترول ومشتقاته لأنه مواد متحولة من نبات مطمور.. إن هذا الاختلاف الباهر بين أنواع النبات يدل على عظمة الخالق سبحانه ويوجب توحيده.

وحول الأنعام تناولت الباحثة المعنى المراد بالأنعام ،وأنها : الإبل والبقر والضأن والمعز.

وفي هذه الأنعام فوائد عديدة للإنسان فله من جلودها بيوتاً ومن أصوافها لباساً، ويتغذى بأكل لحمها، وشرب لبنها، ويستخدمها في الركوب وحمل الأثقال ويتخذها في الزينة، وقد أشار الحق سبحانه إلى فوائد الأنعام بقوله:

{وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىَ بَلَدٍ لّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاّ بِشِقّ الأنفُسِ إِنّ رَبّكُمْ لَرَؤُوفٌ رّحِيمٌ، وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}( النحل: 5-8)، وقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ الأنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىَ حِينٍ} (النحل:80 )

والناظر إلى الأنعام وأشكالها، وصورها وأوجه تسخيرها للإنسان ليعجب من حكمة خلقها، وعظمة خالقها ومصورها الذي لم يخلقها إلا بعلم محيط بجميع منافعها، وهذا كله يوجب على الإنسان أن يعرف ربه ويعبده وحده حق العبادة.

ومن الأمور التي انبهر أمامها العلم الحديث: خروج اللبن من ضروع الأنعام مستخلصاً من بين فرث ودم، فبعد امتصاص الأمعاء لعصارة الهضمية تختلط بالدم وتسير معه وتذهب إلى كل خلية في الجسم، فإذا صارت إلى غدد اللبن في الضرع تحولت إلى لبن ببديع صنع الله الذي أتقن كل شيء.

ولبن الأنعام مصدر ممتاز للغذاء، والقوة. لاحتوائه على جميع المواد الغذائية اللازمة لبناء الجسم وحيويته قال تعالى:

{وَإِنّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نّسْقِيكُمْ مّمّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشّارِبِينَ}(النحل:66).

وحول تسخير الله تعالي النحل للإنسان يقول سبحانه:

{وَأَوْحَىَ رَبّكَ إِلَىَ النّحْلِ أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ وَمِمّا يَعْرِشُونَ،ثُمّ كُلِي مِن كُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ}( النحل: 69,68).

وعالم النحل يمتاز بميزات عديدة، مثل بناء بيوته بشكل سداسي الأضلاع المتساوية ولها رئيس اسمه اليعسوب يوجهها، وهي تتلقى الأوامر منه، وإذا خرجت من وكرها ذهبت مع الجماعة إلى موضع آخر، فلا تذهب منفردة، والنحل يعرف اتجاه الرياح يبتعد عنها، وقد أكد العلم حديثاً أن النحل تبني بيوتها في أماكن تتلاءم مع مصالحها، وتليق بها، وأغرب شيء في هذا البناء أنه بمقياس واحد خاص وثابت، منذ غابر الأزمان وحتى اليوم، وبيوتها موزعة منها: مخازن للعسل، وحبوب اللقاخ، ومنها: لتربية النحل الذكر، وأخرى لتربية النحلة الملكة، وإذا امتلأت الخلايا بالعسل غطتها بالشمع الخالص حتى لا يمتص العسل الرطوبة التي تؤدي إلى تلفه، وقد كشف العلماء أن النحلة لا تتجه إلى الزهرة ذات الرحيق السام، وهي الوحيدة من الحشرات التي خاطبها المولى سبحانه وتعالى: (أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً) والإناث من النحل أكثر من الذكور، والإناث هن آلاتي يقمن بكافة الأعمال في مملكة النحل، وخصوصاً جمع الرحيق وتصنيعه.

أما ذكورها فعملها التلقيح فحسب، وقد ألهمها الله طرق البحث عن الغذاء، والعودة إلى مساكنها، فإذا اكتشفت النحلة بستاناً فيه أزهار تقوم بدلالة زميلتها عليه بنوعين من التعبير، الأول عن المسافة والثاني عن الاتجاه، وذلك عن طريق الرقص دائرياً على أحد الأقراص الشمعية إذا كانت المسافة بسيطة، أما إذا كانت المسافة طويلة فإنها ترقص وتهتز، إذ تسير لمسافة قصيرة في خط مستقيم وتحرك بطنها بسرعة من جانب لآخر ثم تتحرك في قوس إلى اليسار ثم في خط مستقيم ثانية، ثم تتحرك في قوس إلى اليمين، ولم يعرف العلم هذين التعبيرين إلا في العصور الأخيرة.

وأهم ما ينتجه النحل: العسل الذي فيه شفاء للناس لكثير من الأمراض وغذاء ملكات، وسم النحل، وإن من أعجب ما اكتشفه العلماء في القرن العشرين الميلادي أن كلمة شراب غير قاصرة على العسل فحسب، بل يشمل سم النحل، الغذاء الملكي، والشمع، وكل منها يخرج على هيئة شراب، وكل منها له قيم علاجية.

وقد أكد العلم الحديث: أن العسل دواء يستخدم في علاج كثير من الأمراض.

ومما سخر الله للإنسان البحار والأنهار ليستفيد منها طعاماً وحلية ووسيلة للتنقل

قال تعالى عن البحر:{وَهُوَ الّذِي سَخّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ}(النحل:14).
وقوله تعالي عن الأنهار: {وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ}(النحل:15)، وقد برزت معجزة القرآن الكريم في أن منبع الأنهار يكون من الأماكن المرتفعة من الجبال وأشباهها، وهذا ما يفيده الربط بين نعمة وجود الجبال وبين تفجير الأنهار.

وتعد الأنهار شريان حياة الأقاليم والأقطار، تخترقها فتجري فيها الحياة، وتفيض فيفيض الخير، وتخرج من جوفها الأسماك والأعشاب والخيرات، ويستفيد منها الإنسان والحيوان.

وغالبية المياه العذبة فوق سطح الأرض هي مياه الأنهار والجداول، ويستفيد الإنسان من الأنهار: الزرع والسقي.

وقد كشف العلم الحديث: عن الحواجز بين البحار والأنهار من جهة وبين البحار بعضها البعض من جهة أخرى والتي تعمل على احتفاظ كل من البحرين بخصائصه حتى بعد حصول ظاهرة المد البحري.

 

وفي الباب الثالث تناولت الباحثة الحديث عن الإنسان وما فيه بديع الصنع والتكوين.

فبينت أن الله خلق الإنسان في أطوار متعددة ومتدرجة، فمن طور النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام، ثم اللحم ثم النشاة الأخرى.ولم يكتشف علماء الغرب أن الإنسان يخلق على أطوار إلا في القرون الأخيرة، حيث كانوا يعتقدون أن الجنين يخلق كاملاً في الحيوانات المنوية.

ومما زود الله به الإنسان الحواس الخمس التي يعرف ويميز بها الأشياء ويهتدي إلى الخير والشر، وقد منح الله الإنسان مجموعة من الحواس ومن أهمها: السمع البصر الذان ورد ذكرهما في القرآن الكريم.

وقد وجد علماء التشريح أن مركز السمع يقع في الفص الجداري للمخ، بينما يقع مركز الإبصار في الفص الخلفي في آخر المخ، ويعني هذا أن مراكز السمع تتقدم مراكز الإبصار داخل المخ البشري.

واللسان نعمة امتن الله بها على الإنسان إذ هو العضو الذي تخرج منه حروف كثيرة للنطق، وبه يعبر الإنسان عما في داخله وما يدور في فكرة، وهو وسيلة الإنسان في المضغ والذوق والتمييز بين المطعومات والمشروبات، وهو عضو لحمي لا عظم فيه لتسهيل حركته، ومركز الإحساس في اللسان على شكل نتوءات ذات فتحات تسمى البرعم الذوقي، وقد أوجد الله لكل نوع من المذاق منطقة محددة في اللسان، وبواسطته يتمكن الإنسان من البيان والإفصاح عما في نفسه، وفهم بيان غيره، وبه يتمكن من تعلم القرآن وتعليمه،

قال تعالى: {الرّحْمَـَنُ، عَلّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الإِنسَانَ، عَلّمَهُ البَيَانَ}( الرحمن:1-4).

واللسان هو العضو المؤهل فقط للشهادة بكلمة التوحيد، وقول الحق، وكشف الباطل وزيفه، وكشف ألوان الخديعة، والمكر وكل وسائل البهتان والزور.

إن في مظاهر هذا التسخير العديدة أكبر شاهد على وحدانية الخالق جل وعلا وأنه أحق بالعبادة وحده. كما وأنه هو الخالق وحده

وصدق الله القائل: {الْحَمْدُ للّهِ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظّلُمَاتِ وَالنّورَ ثْمّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ}(الأنعام:1).
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشّجَرُ وَالدّوَآبّ وَكَثِيرٌ مّنَ النّاسِ وَكَثِيرٌ حَقّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِن مّكْرِمٍ إِنّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ}( الحج:18).

وختاماً نسأل الله تعالى أن يجعلنا طلاباً للعلم وأن يرزقنا العمل طبقاً للمنهج الإلهي، والله ولي التوفيق.