السلام عليكم | العدد الأول
السلام عليكم
صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك



بقلم الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن عبدالعزيز المصلح
أمين عام هيئة الإعجاز العلمي
العدد الأول 1416هـ- 1995م

قراءنا الأعزاء في مختلف بقاع العالم الإسلامي. أحييكم بتحية الإسلام تحية أهل الجنة تحيتهم فيها سلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وأحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وأصلي وأسلم علي صاحب الرسالة الخاتمة الذي بعثه ربه بالهدي ودين الحق محمد صلوات الله وسلامه عليه وبعد:

إنه ليطيب لي في مستهل كلمتي هذه أن أسوق إلى حضراتكم تهنئة من القلب خالصة أن زفت إليكم مجلتكم الغراء التي طالما انتظرتموها بقلب متعطش إلى ري الإيمان، متلهف أن يفئ – في هاجرة الدنيا – إلى ظلال القرآن يستروح ساعة من الزمن، يتنسم فيها عبق الوحي الخالد الباقي إلى يوم الدين سارحا بخياله في ملكوت الله الفسيح مرددا بينه وبين نفسه في صمت تعبدي رانق أمنت بالله. أمنت بالله الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق أمنت بالله الذي صدق وعده وأري خلقه من آياته في الأفاق وفي أنفسهم ما أشههم به أنه الحق فهنيئا لكل بها وهنيئا لها بكم مجلتكم " الإعجاز " فهي منكم وإليكم.

أن موضوع مجلتكم التي تسعدون بمطالعتها اليوم لهو موضوع من أشرف الموضوعات وأجلها. وذلك أنه يتعلق بدلائل وبراهين صدق الرسالة الخاتمة الإسلام. كما يتعلق بدلائل الخيرات التي تقدمها تلك الرسالة الخاتمة إلى البشرية في مسيرتها الحياتية حرصا منها علي أن تصل بالإنسان إلى شاطئ الأمان والنجاة في حياته وبعد مماته علي حد سواء. إننا أمام موضوع جدير بأن ينال الاهتمام ويدعو إلى التأمل ويتح أفاقا جديدة لعالم جديد يلتقي فيه الناس علي أمر جامع وقضية تتفق عليها البشرية كلها. وشاهد قوي اتخذه العالم مقياسا لإثبات الحقائق ودليلا علي صدقها ألا وهو العلم. فالعلم هو الشاهد الثقة، وهو البرهان القاطع، والدليل الذي لا يقبل النقض، وهو مولد القناعة عند ذوي التفكير السوي والمنهج القويم. فبالعلم طار الإنسان في أفاق السماء وأرسل أجهزة استطلاعه إلى الكواكب النائية القاصية، وبه أيضا غاص في أعماق البحار كاشفا لأسرارها مزيلا لغوامضها، وتعامل مع الذرة مستثمرا لآثارها الضخمة في ميادين الحرب والسلام.

لا غرو إذن – لما لهذا العلم من أهمية ومنزله – أن يكون القرآن الكريم وهو أخر وعاء هداني إلى البشرية أن ينزله الله سبحانه وتعالي حاويا للعلم معليا من شأنه رافعا لمكانه أصحابة حتي أنه قرن شهادتهم بشهادته – مستخدماً إياه مي منطق المحاجة والمجادلة، نتبين ذلك من آيات القرآن الكريم نفسه ونحن نقرأ

قول الله تعالى ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه ) {السناء 166} وقوله تعالي: ( شهد الله أنه لا إله ألا هو والملائكه وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) { آل عمران 18} وقوله تعالى: (وما يعقلها إلا العالمون ) {العنكبوت 43} وقوله تعالى ( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ) {الأنعام148}
قال تعالى: (ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين أمنوا إيمانا ) {المدثر: 31}.

ان العلم – بلا جدال – هو الذي قدم هذه الحضارة التي يعيشها الناس اليوم، ولم تكن مشكلة الإنسان في يوم من الأيام مع العلم، ولكنها كانت في أمرين أولهما: مع الظنون البشرية والخرافات المستمدة من أهواء البشر والتعامل مع ما يظن أنه من كلام الله وهو في حقيقته وواقعه نصوص أدهلها الناس من عند أنفسهم ثانيهما: أن تكون ردة الفعل لهذا الرفض والاستسلام للظنون والخرافات أراء وفلسفات عقلية بشرية قاصرة عن أدراك حقيقة الإنسان وسبر أغواره، وتلبيه حاجاته الروحية مثل تلبية حاجاته الجسدية في مسيرته الحياتية، والموازنة الدقيقة بين مستلزماته الردية ومسؤلياته الجماعية تلك الموازنة التي يستحيل علي الإنسان أن يدرك معالمها كلها أو يحيط بدقائقها جميعها فيما كان وما هو كائن وما عساه أن يكون في غدة المجهول.

من هنا فإن موضوع مجلتنا هذه هو موضوع له طبيعته العلمية والفكرية المتميزة والمثيرة، لأنه موضوع العلاقة بين العلم والدين، أو بعبارة أخص العلاقة بين المكتشفات العلمية الحديثة وبين نصوص القرآن والسنة، ولقد شاءت إرادة الله تعالي أن يكون القرآن معجزة هذا الدين الخاتم، وأن يكون خطابا إليها لكل عصر ولكل جيل، فكان طبيعايا – وهذه هي الحال – أن يحمل القرآن الكريم من الأدلة والشواهد ما يبرهن علي أنه قد نزل بعلم العزيز الحيكم، وأن يعد البشرية بأنها سوف تري من أيات الله الآفاقية والنفسية ما يبرهن لها علي صدق الآيات المتلوه، فيلتقي كون الله المسطور مع كونه المنظور حتى لا يكون للناس علي الله حجة وحتى يكتمل البلاغ علي اختلاف طرائقه ومناهجة.

وهذا النوع من البلاغ هو مبتغي تلك المجلة وغايتها – كجزء من سياسة الهيئة العلمية – بامتدادها الأفقي خارج أرض الإسلام ومخاطبة غير المسلمين بلغة يفهمونها، ومعيارية يرتضونها، وهي لغة ومعيارية العلم، والرأسي داخل أرض الإسلام بتعميق البعد الإيماني الغيبي، ومن خلال العرض الإيماني المشاهد، كما

فسوف تطالعون علي صفحات مجلتكم " الإعجاز " من التوافق والتلاقي بين حقائق العلم، ونصوص القرآن والسنة بل ومن التوجيه القرآني والنبوي لمسيرة العلوم، ما  يجعلنا أمام فتح رباني جديد في دنيا العلوم الإنسانية، يأخذ بيد العلم ويرشده إلى طريق لاخير والسعادة، في عودة مأمولة إلى رحاب الخالق الأعظم.

سوف تقفون علي كثير من حقائق العلم المكنونة بين دفتي ذلك الكتاب الذى لا ريب فيه، وترون كيف كانت تصورات الأمم السابقة حيال تلك الحقائق، وكيف أن العلم لم يتوصل إلى إداركها إلا قبل عقود قليلة، بينما هي مسطورة في كتاب الله الخالد منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام.

سوف تقرؤون وسوف تندهشون، وفي النهاية لله سدا سوف تخرون. وإنني لعل ثقة في أن الوقوف علي الموضوعات العلمية المتنوعة التي تطرهحها المجلة سوف يستنهض كثيرا من الهمم العلمية، ويدفعها إلى التنافس في هذا المجال الدعوي الهام من مجالات إقامة الدلائل علي خيرات وإعجاز تلك الرسالة الخاتمة. وذلك الكتابر الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كل في تخصصه، وبما فتح الله عليه من نعم العلوم.

وليكن عطاوكم العلمي المرتقب تسبيحا وتحميدا وتعبدا للذي هداكم إلى نعمة الإسلم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ولتكن أقلامكن مشاعل نور وهداية يستضئ بها السائرون علي طريق الخير والإيمان.

ولتكن تلك المجلة المباركة موروثكم جميعا أيها العلماء، فأنتم ورثة الأنبياء. في محاظنكم سوف تنمو وتكبر، وبجهودكم سوف تترعرع وتزدهر، وبإخلاكم سوف تذيع وتنتشر حتى يتبين للنا سجميعا أنه الحق، وأن الحق أحق أن يتبع وأن هذه القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا. وقبل أن أختتم كلمتي أراني مدفوعا لأن أنوه بالجهد المشكور الذي بذلهكل من ساهم في إخراج هذه المجلة علي النحو الذي خرجت عليه من حسن إعداد وعرض لا سيما أبن هيئة الإعجاز العلمي البار الذي واكب مسيرة الهيئة منذ تأسيسها حتى اليوم واظعا نفسه وجهدة وشبابه في خدمتها، بازلا كل ما يستطيع من أجل تحقيق أهدافها حتى كن آخر تلك الجهود المخلصة ما بذله في سبيل إخراج هذه المجلة وتحقيق تلك الأمنية التي يتشوق إليها جمهور المسلمين علي امتداد العالم الإسلامي. أنه الأستاذ أحمد الصاوي نائب رئيس التحرير، فله من الله المثوبة وحسن الجزاء ولكم مني أيها القراء الأعزاء خالص التحية وأرق التهنئة.